السؤال
السلام عليكم..
بارك الله فيكم، لقد أصبت في ليلة وبشكل فجائي بتسارع ضربات القلب، وخوف شديد من الموت، لا أدري كيف أشرح الإحساس؟ ولكني أحسست كأن قلبي ينخلع من مكانه من شدة الخوف، وكنت على وشك الموت مما أشعر به، ولم أستطع النوم لمدة ساعة ونصف إلى أن جاء الصباح وارتفعت الشمس، ثم نمت بعدها، ولم تتكرر هذه الحالة بنفس الشكل منذ ٤ أشهر.
ولكن الآن لدي خوف شديد من الموت سواء موتي أو موت من أحبهم، وأخاف على خطيبي وأمي جدا بالذات، وأحرص على الاطمئنان عليهم بشكل مستمر كل ساعة تقريبا، وأخاف أن أموت على عمل غير صالح، وعندما يحدث بيني وبين أحد خلاف أحرص بشدة ألا ينتهي اليوم إلا ونحن متصافيين خوفا من موتي وحمل الذنب، وصرت أدقق في تفاصيل جسدي كثيرا، فعندما أشعر بسرعة ضربات القلب أذهب وأبحث على النت عن السبب، وأشعر بوخز في صدري فأذهب وأبحث، وإذا شعرت بحرقان خفيف في عيني أفعل كذلك، صرت أتحسس كثيرا وأخاف من الأمراض أن تصيبني خاصة الأمراض المزمنة!
أنا فتاة بفضل الله محافظة على صلاتي وأورادي وطلبي للعلم الشرعي، وقد اقترب زفافي، وأريد أن أرتاح من هذه المشاعر المزعجة، مع العلم أنني أصيبت من سنة من نوبات خوف بسبب الكورونا وانتشارها، وقد تغلبت عليها بفضل الله وتعافيت، فهل ما أصبت به نوبات هلع أم مخاوف وسواسية؟ وماذا أفعل بالتحديد؟
كما أعاني في أغلب الوقت من ضربات قلب سريعة أقصاها تصل إلى ١١٥ في الدقيقة، فهل هذا خطر أم بسبب حالتي ؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Tasneem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
حالتك واضحة، وإن شاء الله هي بسيطة. الذي لديك هو ما يعرف بـ (قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي)، ونوبات الهرع بالفعل هي مخيفة، لكن إن شاء الله تعالى بعد أن يجربها الإنسان لمرة أو لمرتين، بعد ذلك لن يعطيها نفس الاهتمام الذي كان يعطيه لها فيما مضى.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: اطمئني تماما أن الذي تعانين منه ليس مرضا عقليا، ولا مرضا ذهانيا، ولا مرضا اكتئابيا، هي ظاهرة من مظاهر قلق المخاوف وليس أكثر من ذلك، وقلق المخاوف كثيرا ما تتداخل معه بعض الاجترارات الوسواسية.
هذه هي الإجابة على سؤالك: هل ما أصبت به هي نوبات هلع أم مخاوف وسواسية؟ فالقاعدة أو الأصل الذي لديك هو القابلية للمخاوف الوسواسية، وبعد ذلك أتتك نوبة الهلع. هنالك تداخل كثير جدا بين هذه المكونات، وهذا لا يعني أنه لديك تشخيصات متعددة، إنما هو تشخيص واحد، دعينا نسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي) من الدرجة البسيطة.
أيتها الفاضلة الكريمة: أهم ما يمكن أن تقومي به بالتحديد هو التجاهل، التجاهل التام، وأن تحقري فكرة الخوف أصلا، خاصة فكرة الخوف من الموت كفكرة مرضية. الخوف من الموت يجب أن يكون خوفا شرعيا، والخوف الشرعي يجعلك تؤمنين إيمانا يقينيا وقاطعا أن الإنسان لا يد له ولا إرادة له فيما يتعلق بحياته وموته، {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}، {إنك ميت وإنهم ميتون}، {كل نفس ذائقة الموت}، فهذا هو الوعد الحق، والإنسان حين يتفهم الأمر على هذه الكيفية ويسعى دائما أن يعمل الصالحات، وأنت أحسب أنك كذلك – أيتها الفاضلة الكريمة – وفي ذات الوقت عليك بالدعاء، عليك بالأذكار، فهي عظيمة جدا، اسألي الله تعالى أن يطيل عمرك في عمل الصالحات، اسألي الله تعالى أن يحفظك، اسألي الله تعالى: (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه)، (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)، هذه أدعية جميلة لطيفة تبعث في النفس طمأنينة كثيرة.
ومن خلال ذلك أقول لك حقري فكرة الخوف من الموت، الفكرة المرضية السخيفة، قولي: (أنت فكرة تافهة وسواسية، أنا أخاف من الموت خوفا شرعيا وليس خوفا مرضيا)، هذا مهم جدا.
وفي ذات الوقت ممارسة بعض التمارين الاسترخائية (تمارين التنفس المتدرج، تمارين قبض العضلات وشدها ثم استرخائها) مفيدة جدا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب يمكنك الاستعانة بها لمعرفة كيفية ممارسة هذه التمارين، أو إذا كنت تعرفين أخصائية نفسية يمكن أن تدربك عليها.
طبعا الكورونا كانت هي أحد المحفزات للمخاوف بكل أسف، ونسأل الله تعالى أن يرفع هذه الجائحة ويحفظ الناس جميعا.
كوني إيجابية في تفكيرك، الحمد لله الله تعالى حباك بطاقات الشباب، وأنت مقدمة على الزواج، يجب أن يكون فكرك فكرا تفاؤليا إيجابيا.
بالنسبة لتسارع ضربات القلب: طبعا القلق والتوتر يؤدي إلى ذلك، وفي بعض الأحيان فقر الدم أيضا قد يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب، زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية أيضا قد يكون سببا في تسارع ضربات القلب، وأحسب أنك قد تأكدت من خلال الفحوصات الروتينية أن كل شيء طبيعي.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أفضل حقيقة أن تتناولي عقارا بسيطا يسمى (إندرالInderal )/(بروبرانولول Propranolol) هذا ليس دواء إدمانيا، ولا علاقة له حقيقة بأي أضرار على الصحة. تناوليه بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناوله.
طبعا هنالك أدوية مثالية لعلاج هذه الوساوس منها عقار (سيبرالكس Cipralex)، وعقار (لوسترال Lustral)، هذه أدوية مثالية، لكن بما أنك مقدمة على الزواج فلا داعي لها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.