السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نشكر موقع إسلام ويب على كل الخدمات التي يقدمها للأمة الإسلامية.
استشارتي هذه موجهة للدكتور/ عبد العليم -حفظه الله-..
أنا متزوج -ولله الحمد-، ولدي أبناء، ومتميز في عملي، متدين أخاف الله كثيرا، أقرأ القرآن، لدي شخصية محبوبة بين الناس، لدي أفكار هائلة، لكن مشكلتي هي أنني في الاجتماعات أو في المقهى أو عندما أكون واقفا مع أشخاص تكون لدي أفكار مهمة لأقولها، فيحدث لي ارتباك لدرجة أنني أفقد التركيز، وأحس بارتباك كبير لدرجة أنني أقول في نفسي يجب أن أقول أفكاري بسرعة لكي لا أجلب الانتباه، مشكلتي أيضا أنني أفكر في المستقبل كثيرا فتختلط علي الأفكار، ثم أفقد التركيز وأحس بدوخة خفيفة وتشنج في الجهة اليمنى من الرأس؛ وكأن حبلا يمسكني من عيني، كما أني عندما أريد أن أسافر مثلا أفكر لمدة يومين في ذلك السفر، فيأتيني إسهال، وأدخل المرحاض عدة مرات، وهذا يحدث أيضا في بعض الاجتماعات المهمة، والتي أتدخل فيها لأعبر عن رأيي.
أفضل كثيرا القطار في السفر، فعند السفر عبر الحافة أتقيأ، وهذا ما يجعلني هذه الأيام أفكر فيما إن اشتريت سيارة هل سيحدث لي دوخة وقيء كما يحدث لي عادة عبر وسائل النقل؟
أعاني كذلك من التفكير السلبي؛ فأنا دائما أقول بأنني مريض أو سأصاب بمرض خطير لا قدر الله، مما يجعلني أفقد التركيز.
أنا حساس جدا، وأبسط سلوك من شخص قريب قد يؤثر على نفسيتي.
أفدني جزاك الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها -الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك ثناءك على الموقع، ونبشرك بأن إخوانك وأحبابك في الموقع يسعدون بخدمة أمثالكم من الناجحين في حياتهم، ونسأل الله أن يزيدك من فضله، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يملأ قلبك طمأنينة وأمنا وأمانا.
أرجو أن تعرف أن الذي يرتبك هو الإنسان الذي ليس عنده نجاحات، فإذا جاءتك هذه المشاعر السالبة فتذكر ما وهبك الله تبارك وتعالى من النعم، واعلم أن الذين أمامك لا يعرفون أكثر منك، بل أنت محضر المادة التي تريد أن تقدمها وتريد أن تعرضها عليهم، أو الأفكار التي تريد أن تستعرضها وتناقشها بين أيديهم.
كما أرجو أن تعلم أن ملايين الناس ينتقلوا في الصباح وفي المساء عبر الجو والبر والبحر دون أن يصابوا بالأذى، ولا تحدث الحالات والأشياء المخيفة إلا في حالات أندر من النادر، بل إن الدراسات تذهب إلى أن الطائرات أكثر أمانا حتى من السيارات، إذا عدة نسبة الحوادث التي تحدث.
ولذلك أرجو ألا تعطي الأمور أكبر من حجمها، ونحن نخطئ عندما نقلل مما عندنا من قدرات ونعظم ما عند الآخرين، والإنسان إذا وقف ليتكلم أمام الناس ينبغي أن يتذكر أن لهم قدرات عادية، وأنهم بشر مثله، وأن النقص يطاردنا، وأن هذا المتحدث يتفوق عليهم بأنه حضر المادة وأعد نفسه ورتب أفكاره، وهذا قد لا يوجد في كل الذين يجلسوا بين يديه.
عندما يستحضر الإنسان مثل هذه الأشياء يبدأ حديثه بطمأنينة، وعندما يدرك أن الناس سافروا مئات المرات وهو أيضا سافر مئات المرات وعادوا في أمن وأمان وطمأنينة، عندها سيجد الاطمئنان للسفر، ولن تعتريك مثل هذه الأحوال.
وأنا أريد أن أقول: القلق هذا الذي يحدث لك قبل السفر أو قبل أي موضوع مهم؛ هذا طبيعي، لكن الذي ليس طبيعيا هو أن يزيد عن حده فيتحول إلى العكس، يتحول إلى مصدر إزعاج ومصدر إرباك بالنسبة لك، لكن كون الإنسان يهتم بأن له مشروع كبير أو أنه سيسافر وأنه سيخطط، هذا مما يدفع الإنسان للنجاح إذا كان في حدوده المعقولة.
فتجنب التفكير السلبي دائما، وتعوذ بالله من الشيطان، واحرص على ذكر ربنا الرحمن، وإذا ذكرك الشيطان بالسلبيات فتذكر ما وهبك الله من الإيجابيات، وإذا ذكرك الشيطان بالفشل فتذكر النجاحات وتذكر الفتاح سبحانه وتعالى، واستعرض المواقف التي وفقك الله فيها حتى وصلت هذه الرتبة العالية، ونلت هذه الثقة عند الناس.
ونسأل الله أن يعينك على الخير، وندعوك إلى المحافظة على أذكار الصباح والمساء وقراءة الرقية الشرعية على نفسك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
___________________________________________
انتهت إجابة الشيخ/ أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-
وتليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-
____________________________________________
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
الذي تعاني منه – أخي الكريم – حالة بسيطة جدا، تعرف باسم (قلق المخاوف) والأفكار التي تعتريك حين تسيطر عليك هذه المخاوف هي أفكار ذات طابع وسواسي، لأن الإنسان الذي يتملكه الخوف في موقف معين يبدأ في التحليل واسترجاع الأفكار بصورة وسواسية جدا.
أنا أعتقد أن حالتك بسيطة وبسيطة جدا، وكما ذكر لك الأخ الدكتور الشيخ أحمد الفرجابي – حفظه الله – يجب أن تنظر للأمور بإيجابية أكثر، وفي اللقاءات والاجتماعات لا تقلل من شأنك، فأنت تكون أكثر تحضيرا للمادة التي سوف تقدمها، وفي ذات الوقت أنا أؤكد لك أن البعض أيضا يتوجس ويتخوف من حضور الآخرين، في نفس هذا اللقاء تجد من يعتريه هذا الشعور، ولكن هذا لا يظهر عليهم أبدا، فإذا أنت أيضا لا يظهر عليك أمام الآخرين، فالتجربة هي تجربة خاصة وخاصة جدا، ونعالجها من خلال تحقير فكرة الخوف، وأنك لست أقل من الآخرين، وألا أحد يراقبك، أو يرصد حركاتك الجسدية مثلا، تسارع ضربات القلب إن كان يحدث لك هذا.
والعلاج يكون دائما من خلال المواجهات والاستمرار فيها وعدم التجنب، وهنالك مواجهات ممتازة جدا، أهمها الصلاة مع الجماعة في المسجد خاصة في الصف الأول، وممارسة رياضة جماعية مع بعض الأصدقاء، مثل كرة القدم، وأن تسعى دائما لأن تجعل بوابتك الاجتماعية قوية، بمعنى أن تلاحظ تعابير وجهك وتجعلها مناسبة مع الموقف، أن تكون نبرة صوتك أيضا متوازنة، وأن تكون لغة جسدك صحيحة، كاستعمال اليدين عند المخاطبة.
فأرجو ألا تتوقف أبدا عن هذه التفاعلات الاجتماعية، ولا تتجنب، فهذا هو العلاج الأساسي.
وهناك أيضا علاج دوائي، لو تذكر أنا وصفت لك دواء عام 2017 اسمه (زولفت) هو دواء ممتاز جدا، لديك استشارة سابقة رقمها (235658) أجبت عليها بتاريخ 11/9/2017، وأنا أود أن أجدد الآن فكرة تناول هذا الدواء، أو يمكن أن نغيره لدواء آخر أيضا مفيد وفاعل وسليم، الدواء الآخر يسمى (اسيتالوبرام) واسمه التجاري (سيبرالكس)، وربما تجده في بلادكم تحت مسميات تجارية أخرى، هنالك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، ابدأ بتناول نصفها – أي خمسة مليجرام – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا – أي عشرة مليجرام – تناولها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول السيبرالكس.
الاسيتالوبرام دواء ممتاز جدا، والجرعة التي وصفنها لك جرعة صغيرة، ولن تكون هنالك أي آثار جانبية سلبية على الإطلاق، ربما يحسن شهيتك نحو الطعام، كما أنه قد يحدث تأخر قليل جدا في القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية، لكن قطعا الدواء لا يؤثر سلبا على صحتك الإنجابية أو مستوى الذكورية لديك، فأرجو أن تطمئن تماما.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.