أعاني من نوبات عصبية واجترار أفكار سلبية، فما العلاج؟

0 0

السؤال

السلام عليكم

أعاني منذ خمس سنوات من اجترار التفكير في أحداث كل يوم بصورة مزعجة، حيث أعيد التفكير في كل ما حدث، ثم أفسر ما بدر من الناس بطريقة خاطئة، مع عدم يقيني بتفسيري، ما يشعرني بالارتياب والشك في نواياهم.

بعد انتهاء يوم العمل، أعود إلى المنزل مباشرة، وأسأل إخواني وأهلي: ماذا كان يقصد فلان؟ وماذا يعني فلان بكلامه؟ لأستوضح الأمور، فيوضحون لي ما حدث ويشرحون المقصود، ثم أنتقل إلى مسألة أخرى وأبدأ بمناقشتها معهم، وهكذا.

تأتيني نوبات عصبية من مرة إلى ثلاث مرات يوميا، أخرج خلالها عن طوري، ثم أهدأ بفعل ضغوط العمل.
ذهبت إلى الطبيب، فكتب لي: إبليفاي (Aripiprazole) بجرعة ٧.٥ ملغ، ديباكين (Valproate) بجرعة ١٠٠٠ ملغ، وسيروكسات (Paroxetine) بجرعة ٤٠ ملغ، وقد تحسنت بشكل كبير من ناحية الاجترار، والاشتباه في الآخرين، ونوبات العصبية، علما بأنني لم أكن أشتبه في جميع الناس، بل في بعضهم فقط، وهناك من لا أشك فيهم إطلاقا.

لكنني بدأت أقرأ كثيرا عن الحالات الذهانية والفصام، وأتساءل: هل ما أعاني منه فصام، أم أنه أمر آخر؟ خصوصا أنني لا أسمع أصواتا، ولا أعيش أوهاما صريحة، لكنني أتوتر من تحليل أفعال بعض الناس وتحميلها فوق ما تحتمل.

تلخيص حالتي: شك وارتياب في بعض الناس، دون يقين، اجترار مزمن للتفكير وتحليل المواقف، نوبات عصبية متكررة.

مشكلتي الآن هي أن مضادات الذهان، رغم فعاليتها، تسبب لي جمودا في المشاعر، وانعداما للإبداع والابتكار، على عكس ما كنت عليه قبل تناولها، فهل حالتي تحتاج لمضادات الذهان، أم يكفي العلاج بمضادات الاكتئاب؟

أرجو منكم مساعدتي، وكتب الله لكم الأجر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أيها الفاضل الكريم: أنت مدرك تماما لهذه الاجترارات وهذه الأفكار الشكوكية الظنانية، لذا أنا أراها شيئا مختلطا، بين ما هو ذهاني وما هو وسواسي، والبعض يحب أن يسمي هذه الحالات بالفصام الوسواسي البسيط، وهو طبعا أقل وطأة من مرض الفصام ولا شك في ذلك، وأيضا قد يكون أفضل من مرض الوسواس المطبق.

هذا هو الذي أراه – أيها الفاضل الكريم –، وأعتقد أن العلاج يكون من خلال تناول أحد مضادات الذهان مع أحد مضادات الوساوس، وهنالك أدوية فاعلة وممتازة جدا في هذا السياق، مثلا عقار مثل الـ (بروزاك) وهو الـ (فلوكستين) ذو فعالية كبيرة جدا، يضاف إليه أحد مضادات الذهان، وأراها ضرورية ومهمة جدا.

الـ (إبليفاي) دواء ممتاز، لكن يجب أن تكون الجرعة 15 ملغ يوميا على الأقل، فهو فعلا لا يسبب أي نوع من الخمول، فقط قد ينتج عنه ما يسمى بالتململ الحركي، بعض الناس لا يستطيعون الجلوس في مكان واحد، وفي هذه الحالة نعطيهم جرعة صغيرة من الـ (إندرال).

الـ (زيروكسات) أيضا دواء رائع كبديل للـ (فلوكستين)، وقد تحتاج له بجرعة 12,5 ملغ، وهذا هو الزيروكسات CR، وترفع بعد ذلك الجرعة إلى 25 ملغ، هو بديل جيد جدا للفلوكستين.

الـ (رزبريادون) دواء ممتاز لعلاج الوساوس الفصامية، أعتقد أنه أفضل من الإبليفاي، لكن قد يسبب بعض الخمول والنعاس البسيط في الأيام الأولى للعلاج، لكن بعد ذلك إذا استمر فيه الإنسان بجرعة واحدة ليلا، أعتقد أن ذلك لن يؤدي إلى آثار جانبية شديدة معيقة.

أنت ذكرت فيما مضى أن الطبيب قد وصف لك عقار (ديباكين)، والديباكين حقيقة هو مثبت للمزاج، لا أعرف إن كنت في حالة انشراحية في ذلك الوقت أم لا، وإذا كنت في حالة انشراحية هذا يعني أيضا أنه لديك شيء مما يعرف بثنائية القطبية المزاجية، لكن مما ذكرته أنت في هذه الاستشارة، أنا أرى أن الأمر هو نوع من الأفكار الذهانية الشكوكية ذات الطابع الوسواسي، وهي درجة بسيطة من الأمراض المعروفة لدينا.

اجتهد –أخي الكريم– في المتابعة مع الطبيب، تناول العلاج الدوائي حسب ما هو موصوف، وحطم هذه الأفكار وفتتها، ولا تدخل في حوارها أبدا، الفكر السلبي – أيا كان ظنانيا، شكوكيا، وسواسيا، تشاؤميا– يجب على الإنسان أن يغلق الطريق أمامه.

وعليك بالاستغفار، وأن تستعيذ بالله تعالى من هذا النوع من الفكر، وألا تترك مجالا للفراغ، لأن هذه الأفكار السلبية تتصيد الإنسان من خلال الفراغ الذهني أو الفراغ الزمني، أما الإنسان الذي يحسن إدارة وقته ويهتم بالأشياء المهمة، وتكون له برامج وطموحات وأهداف، ويضع الآليات التي يصل بها إلى أهدافه، وتكون لديه حسن إدارة الوقت، ويهتم بأمور دينه، والتواصل الاجتماعي؛ قطعا هذا سوف يزيح هذه الأفكار السخيفة، ولن تجد -إن شاء الله- سبيلا إليك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، نحن سعداء جدا بمشاركتك، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات