السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي سؤال وأتمنى من الشيخ الإجابة على سؤالي -جزاكم الله خيرا-.
شيخنا: أنا بنت عمري 25، متعلمة ومن عائلة محترمة - الحمد لله -، كنت على علاقة حب مع شاب استمرت سنة، بعد السنة قررنا الزواج وإخبار الأهل بذلك.
تمكنت من إقناع أهلي، واستقبل أهلي الشاب ولم يقصروا في حقه، بينما هو لم يتمكن من إقناع أهله إلا بعد تسعة شهور، وقاموا بزيارتنا لرؤيتي.
جاءت والدته إلى بيتنا في أول مرة، وجاءت مرة أخرى مع أخواته، وأخيرا زارتنا مع الشاب ووالده، وكلما وضعت شروطا للزواج قبلت بها؛ بسبب تعلقي بمن أحب.
اتفقنا على الخطبة، وبعد يومين اتصل والده وأخبرنا بأنه لا يوجد نصيب، رغما على رغبة ولدهم.
انتهى الموضوع منذ سنتين، وأنا مازلت أعاني من أعراض جسدية، وسوء تنفس، زرت جميع الأطباء دون فائدة.
قررت الذهاب للعلاج النفسي، وحاليا أنا تحت العلاج النفسي الكلامي والأدوية النفسية.
شيخنا: منذ سنتين لم تجف دموعي، وحالتي سيئة جدا، وحالة أهلي سيئة، فلا أحد يريد رؤية ابنته بهذه الحالة ولا يستطيع التصرف.
ما هو عقاب عائلة الشاب عند الله؟ هل سيأخذ الله حقي منهم ويدفعهم ثمن العذاب الذي تغذيته؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Shayma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يجعلنا جميعا ممن إذا ابتلي صبر وإذا أعطي شكر وإذا أذنب استغفر، ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
أرجو أن تعلمي – بنتنا الفاضلة – أن هذا الكون ملك لله، وأنه لن يحدث في كون وملك الله إلا ما أراده الله، واعلمي أن الذي يختاره الله لنا أفضل مما نختاره لأنفسنا، حتى قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (لو كشف الحجاب ما تمنى أصحاب البلاء إلا ما قدر لهم)، قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).
فلذلك أرجو أن تكوني راضية بهذا الذي قدره الله تبارك وتعالى، فأنت قمت بما عليك، والشاب قام بما عليه، وبذلتم المجهودات الكبيرة، وأديتم ما عليكم، ولكن إذا تعطلت الأمور بسبب الأهل أو بغيرهم فأرجو أن يكون الرضا بقضاء الله وقدره هو الذي يسيطر على الموقف، لأن الإنسان بذلك ينال السعادة، فلا تعطي الأمور أكبر من حجمها، واعلمي أن الإنسان قد يتعلق بشيء وليس له في مصلحة، {وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}.
فسلمي أمرك لله تبارك وتعالى، واشغلي نفسك بالمهمة التي خلقت لأجلها، وإذا كان في هذا الشاب رغبة وحرص فسيأتي اليوم الذي تجتمعي به بحول الله وقوته، وإن كانت الأخرى ويسر الله لك سبيلا وجاءك الشاب المناسب – صحاب الدين وصاحب الأخلاق – فاقبلي به، ونسأل الله أن يسعدك، ولكن أرجو ألا تأخذ الأمور أكبر من حجمها، وألا تلومي الناس على أمر لم يقدره الله تبارك وتعالى، واشغلي نفسك بالذكر والطاعة، واعلمي أن البكاء يضرك ولا يثمر شيئا، وأن الحزن على ما مضى الذي يضخمه والذي يزيد فيه هو عدونا الشيطان، لأن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان.
نؤيد فكرة الاستماع للأطباء النفسيين، ولكن أرجو ألا تتعجلي في مسألة استخدام الأدوية، واحرصي على المحافظة على أذكار الصباح والمساء، واشغلي نفسك بطاعة الله، وأكثري من الدعاء واللجوء إلى الله، وتجنبي الوحدة فإن الشطيان مع الواحد، واحرصي دائما على عدم إطالة التفكير في هذا الذي حصل، وإذا كان قد حصل لك ظلم فخير للإنسان أن يكون مظلوما لا ظالما، والله سيحاسب هؤلاء على نيتهم وعلى إساءتهم وعلى تقصيرهم، ولكن اجعلي همك أن يكون الله راضيا عنك، فاشغلي نفسك بطاعة الله.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والنجاح والفلاح.