السؤال
لي أعمام وعمات أصغر مني سنا، ولم أقابلهم في حياتي، فقد تزوج جدي رحمه الله في قرية أخرى وأنجب ٣ ذكور و٣ إناث، ثم توفاه الله، وأغلبهم أبناؤه الجدد (أطفال كان أصغرهم عمره عام ونصف)، ولم يهتم قبل وفاته بربط العائلتين ببعضهما، ولم يحضر أبناؤه الصغار كي يتعرفوا على إخوتهم.. ومنذ سنوات انتقلنا للعيش في بلد أخرى، ولا يوجد بيننا وبينهم أي نوع من التواصل، فقط يقوم أبي (وهو أخوهم الأكبر) بإرسال مبلغ من المال لهم كلما تيسر له ذلك، وفي الأعياد والمناسبات عن طريق أقاربنا في البلد التي يعيشون فيها دون وجود أي تواصل معهم ..
هل نعتبر نحن وأبي قاطعو رحم في هذه الحالة؟ علما أننا لا نكن لهم أي كره ولم تحدث أي مشاجرة أو مخاصمة معهم، فقط أننا لا نعرفهم ولا يعرفوننا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم غيد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة وأختنا الكريمة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر أصحاب الرحم المذكورين في السؤال، ونسأل الله أن يعينكم على الوصال.
لا يخفى على أمثالك أن صلة الرحم من واجبات هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ورحم الله الجد الذي مضى إلى الله، وكم تمنينا لو أنه ربطكم بإخوانكم أو بهؤلاء الأرحام، نسأل الله له المغفرة والرحمة. وأرجو أن يكون عندكم سعي مستمر في التعرف عليهم، فإن التعرف على الأرحام مطلوب، لأن الواجب لا يتم إلا بذلك، إلا بأن نتعرف عليهم ونصل إليهم.
إذا كان الوالد قد أحسن في إرسال استحقاقاتهم المالية لهم، فإنه ينبغي أن يكمل هذا الإحسان بالتعرف إليهم، بالسفر إليهم، بربطهم بالأسرة، لأن هذا أمر في غاية الأهمية، حتى يكون هذا التواصل مستمرا، فإن فعل ذلك وفعلتم ذلك واجتهدتم في التواصل معهم فهذا لون من البر للوالد المتوفي الذي هو الجد، رحمة الله عليه.
ولذلك أنا لا أريد أن أقول: سيكون عليكم إثم، ولكن أريد أن أحرضكم على القيام بهذا الواجب، واجب صلة الرحم، قبل ذلك القيام بواجب التعرف إليهم، لأن هذه وسيلة إلى صلة الرحم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد أسعدنا أنكم لا تكنون لهم كرها، بل أنتم تبادرون بالإحسان، والدليل هو هذه الأموال التي تصل إليهم بانتظام، ولكن الأموال وحدها لا تعتبر صلة، بل لابد من الزيارة، لابد من التعرف، لا بد من مناصرتهم، لابد من النصح لهم، لابد من مشاركتهم في الأفراح والأتراح، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.
والمؤمن ينبغي أن يتذكر أن صلة الرحم سبب لزيادة الرزق، وسبب لمغفرة الذنوب، وسبب لطول الأجل وطول العمر، وسبب للتوفيق في هذه الحياة، فارغبوا في هذه الخيرات، وصلوا ما أمر الله به أن يوصل، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.