حالتي النفسية لا أعرف ما علاجها ولا أجد لها تفسيرا؟!

0 38

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ أن كنت صغيرة كنت كثيرة التفكير والقلق، وعندما يقولون لي: ما أمنيتك؟ أقول لهم أن أموت.
المهم إذا جاء درس عن الدجال أجلس أفكر وأحس أنني بزمنه، وكنت صغيرة! صرت لا أحضر دروس الدين إلى أن كبرت.

طفولتي كانت كلها قلق ورعب؛ لأننا لم نكن مستقرين، كانت هناك خلافات يومية، كبرت وتخرجت من الثانوية ولم أكن أشعر بسرعة الوقت، شعرت به عندما تخرجت، فبدأت أخاف بعدها، وأصابني وسواس الموت والخوف من القيامة، والخوف من الوقت بعد سنة أو سنتين، خف الخوف وتقبلت كل خوفي، ولم أعد أخاف الموت، وأتحاشى الكلام عن القيامة وسرعة الوقت.

مرت بعدها ٩ سنوات تقريبا، وفي سنة كورونا أصبت بهلع، وذهبت إلى الدكتورة، وقالت: إنها جرثومة المعدة، وتعالجت، وذهب الهلع، مرت سنة أخرى فرجعت النوبة أشد وأكثر، وكنت لا أفهم ما هي، فسرتها بعقلي أنها الموت، وأصبحت أبحث عن الموت إلى أن غرقت فيه وخفت منه، وأنا بالأمس كنت متصالحة معه.

لم أعد أرغب بفعل شيء إلى أن أصبت باكتئاب ثم اختلال آنية، ومخاوفي القديمة رجعت، وأصبحت أرى الدنيا موحشة، ولا أقدر على فعل شيء سوى واجباتي الدينية، وقطعت أهلي والأكل وكل شيء، فأصبحت أنتظر موتي، وأريد الموت وأخافه، كيف؟ لا أعرف.

ذهبت للمستشفى، وقلت لهم عن حالتي، وصف لي الطبيب قبل النوم (ridon 2 mg) ولكن قال لي: خذي نصف حبة كل يوم، وكتب لي (citoxal 10 mg) حبة في الصباح كل يوم، المهم عندما أخذت أول واحد قبل النوم زادت عندي الحالة، وكدت أصاب بالجنون.

زاد الهلع وأحس أنني سأصاب بالجنون، ووسواس الموت زاد، ورغبتي في الانتحار زادت أيضا، فما الحل؟ ولماذا فهذا وسواس وليس حقيقة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

طبعا إذا كانت لديك أفكار انتحارية يجب أن تذهبي إلى الطبيب مباشرة، هذا أمر نحن نعطيه أهمية كبيرة، حتى وإن كانت هذه الأفكار أفكار ليست جادة، لكن أنصحك بأن تذهبي وتقابلي الطبيب، هذه هي الخطوة الأولى.

الخطوة الثانية: أنت بصفة عامة لديك ما نسميه بقلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي، هنالك قلق وهنالك مخاوف وهنالك وساوس، وكما تفضلت: الوساوس ذات الطابع الديني كانت مهيمنة عليك في بداية الأمر، وربما أنك لم تستوعبي بعض الحقائق الدينية وأنت في عمر صغير، ومن هنا حصل ما يمكن أن نسميه التفسيرات والتأويلات الوسواسية التي تقوم على الخوف، وهذا إن شاء الله لن يكون له أثرا الآن عليك لأنك قد كبرت وأنت في مراحل الإدراك التام وتستطيعين أن تميزي بين الأمور بصورة صحيحة ودقيقة.

قلق المخاوف الوسواسي يتطلب متابعة طبية نفسية بقدر المستطاع مع الطبيب النفسي.

العلاج الدوائي طبعا مهم جدا، والأدوية التي كتبها لك الطبيب هي أدوية صحيحة، الدواء الأول وهو الـ (ريدون Ridon) والذي يسمى (ريسبيريدون Risperidone) هو دواء مساعد لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، وجرعته هي بالفعل نصف حبة (واحد مليجرام) ليلا.

الدواء الثاني وهو الـ (سيتوكسال Citoxal) وهو الـ (اسيتالوبرام Escitalopram) هذا من أروع الأدوية التي تستعمل لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، وتكون جرعة البداية هي خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – وبعد عشرة أيام ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام، بعد أن ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام سوف يبدأ البناء الكيميائي التدريجي، يعني: الدواء في بدايته لن يكون مفيدا للإنسان أبدا، بل ربما تحدث بعض الآثار الجانبية البسيطة، وبعد أن يبدأ البناء الكيميائي سوف يبدأ التحسن. ربما تحتاجين لجرعة عشرين مليجراما يوميا، لأن هذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة في كثير من الحالات، لكن أنا سوف أترك هذا الأمر لطبيبك.

إذا أرجو ألا تتوقفي عن الدواء، وأن تتناوليه بالصورة والكيفية التي ذكرتها لك.

الأمر الآخر: لا أريدك أن تعيشي في الماضي، يجب ألا يكون هنالك اجترار لهذه الأفكار السلبية الوسواسية، عيشي قوة الحاضر، الحاضر دائما هو الأقوى وهو الأفضل، وهو الذي يجب أن نتمسك به، يجب ألا تعيشي في ضعف الماضي أبدا، عيشي قوة الحاضر، ولا تعيشي خوف المستقبل، المستقبل بيد الله، وما دام الحاضر قويا فسوف يكون إن شاء الله تعالى المستقبل أيضا ناجحا وجميلا وإيجابيا.

الفكر الوسواسي يجب أن يحقر، يجب ألا تخوضي فيه أبدا، هذا من الأسس العلاجية الرئيسية. حوار الوساوس ونقاشها - وحتى المخاوف - إذا الإنسان ناقشها وحاورها سوف تزداد.

قضية الخوف من الموت: هذا عرض شائع جدا عند الذين يعانون من قلق المخاوف الوسواسي. الموت يجب أن يخاف منه الإنسان خوفا شرعيا وليس خوفا مرضيا، والخوف الشرعي دائما يزيل تماما الخوف المرضي، أن يتفهم الإنسان حقيقة الموت، وأن الأعمار بيد الله، وأن الموت حقيقة أزلية، وأن يعيش الإنسان بقوة وبإنتاجية وإيجابية، ويكون نافعا لنفسه ولغيره، وأن يعبد الله تعالى على حق. بهذه الكيفية لن يكون هنالك خوفا مرضيا من الموت، إنما خوفا شرعيا، وهذا قطعا مطلوب، لأنه يحفز الإنسان نحو عمل الصالحات، وفي ذات الوقت يعطي النفس الاستقرار التام.

ممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة سوف تكون جيدة ومفيدة لك جدا. أيضا ممارسة تمارين الاسترخاء نحن دائما نحتم عليها، وهي مفيدة. أنا متأكد حين تذهبين إلى الطبيب النفسي يمكن أن يدربك على تمارين الاسترخاء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات