السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر ٢٠ عاما، أعاني من مشكلة تسيطر على حياتي بدأت قبل تقريبا ٣ سنوات عندما أعجبت بفتاة وكان الحب من طرف واحد.
وذلك لأن الخجل يمنعني من أن أخطو أي خطوة تجاه هذه الفتاة حتى عندما أتخيل نفسي أتقدم لخطبتها، تأتيني أعراض منها ضيق تنفس، وتسارع ضربات القلب، وتعرق والإحساس بحرارة شديدة، وغثيان ودوار، مع العلم أن الخجل يمنعني حتى من التحدث مع أي فتاة حتى ولو كانت زميلة في الجامعة بعد ذلك أصبحت تأتيني تخيلات غريبة سيطرت علي بالكامل حيث أتخيل نفسي أتحول إلى شاب آخر وسيم وغني، مع العلم أن مظهري مقبول جدا وحالتي المادية جيدة -الحمد لله-، وصاحب كاريزما واختلقت ثلاث شخصيات كل شخصية لها تصرفاتها وحياتها واسمها الخاص، وأصبحت أعيش في تلك الشخصيات حتى أنسى اسمي ونفسي، وأصل إلى مرحلة التصديق التام بأني أحد تلك الشخصيات التي اختلقتها وحتى في أحلامي عندما أنام في الحلم لست أنا بل أحد تلك الشخصيات.
ولا أتذكر آخر مرة حلمت بأني أنا على شخصيتي الحقيقة، المشكلة هذه التخيلات أصبحت تسيطر علي بالكامل، وقد أهملت نفسي وعائلتي وعلاقتي بأصدقائي، وأصبحت أنظر لنفسي بازدراء كامل، وأصبحت تأتيني فكرة بأني لو مت سوف أتحول إلى أحد تلك الشخصيات.
أرجو منكم المساعدة والنصيحة، وأنا أنتظر جوابكم وشكرا لكم، وآسف على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
من شروط كمال الصحة النفسية أن يكون الإنسان ذا شخصية تفاعلية خاصة على النطاق الاجتماعي.
الانكباب حول الذات والانطوائية والانغلاق يدخل الإنسان في عالم داخلي ليس صحيا، فأنت أصبحت تتولد لديك هذه الخيالات وأحلام اليقظة والتقسيمات المختلفة لشخصيتك؛ هذا كله ناتج من الانغلاق النفسي الذي تعاني منه، وهذا يمكن اختراقه بسهولة جدا، أن تكثر من التواصل الاجتماعي، ليس من الضروري أن يكون التواصل من خلال التعرف على الفتيات أو شيء من هذا القبيل، أبدا، توجد أسس ممتازة جدا للتواصل الاجتماعي.
مثلا: لعب رياضة جماعية، هذا مفيد جدا، كرة القدم مثلا، هنالك تفاعل شعوري وتفاعل لا شعوري (العب، شوت، هات) هذه كلها تفاعلات إرادية وغير إرادية، وهي تفاعلات ممتازة جدا. إذا الحرص على ممارسة رياضة جماعية.
ثانيا: الانضمام لحلق القرآن. تدارس القرآن مع مجموعة من الناس وبتوجيه من الشيخ أو المحفظ أيضا ينمي الشخصية ويعطيها أطرا اجتماعية فعالة وقوية جدا.
ثالثا: أن تحرص دائما أن تجعل نبرات صوتك منضبطة حين تخاطب الآخرين، وكذلك تعابير وجهك ولغة جسدك، خاصة حركة اليدين، لأن هذه الثلاثة تقريبا هي التي تعكس المهارات الاجتماعية عند الناس.
أحلام اليقظة التي ذكرتها والتقسيمات والانغلاق حول النفس: طبعا هذا دليل على أن القلق الداخلي أصبح لديك يحتقن، ويتضخم، فأرجو أن تعبر عن نفسك أيضا، مجرد الكلام حول هذه الأشياء مع صديق، مع زميل، مع أحد تثق فيه من أسرتك؛ أيضا يمثل تفريغا نفسيا إيجابيا، فلا تكتم أبدا.
بجانب ذلك ممارسة التمارين الاسترخائية، تمارين الاسترخاء ترجع النفس إلى أصلها الاسترخائي، إلى أصلها الانبساطي، لا تكون هنالك أي نوع من اليقظة الزائدة أو المنخفضة، وتقل مراقبة الإنسان لأفكاره. الشخص الذي ينخرط في أفكار مثل الذي يحدث لك تجده سريعا وكثير المراقبة لكل فكرة تأتيه، هذا أمر غير مرغوب فيه، لأنه يزيد أيضا من التوتر ومن القلق.
هذه – أخي الكريم – هي نصائحي لك، وأيضا أحلام اليقظة من النوع الذي تكلمت عنه يحمل شيئا من الوسواسية، الوسواسية تكون مرتبطة بالقلق، وفي هذه الحالة أنا سأصف لك دواء بسيطا جدا، سوف يساعدك أيضا في ترتيب أفكارك وإخراجك من هذا النفق، الدواء يسمى (فافرين Faverin) واسمه العلمي (فلوفوكسامين Fluvoxamine) أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعل الجرعة خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء. هذه جرعة بسيطة جدا؛ لأن الجرعة الكلية من هذا الدواء هي ثلاثمائة مليجرام في اليوم، لكنك لا تحتاج لأكثر من هذه الجرعة الصغيرة، وكما ذكرت لك سلفا الدواء سليم وغير إدماني وفاعل إن شاء الله، مع أهمية الالتزام بالإرشادات التي ذكرتها لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.