السؤال
أنا أحب دراستي جدا رغم أنها صعبة، والمشكلة أنها تأخذ معظم، وقتي ومجهودي، فتؤثر على العبادات كحفظ القرآن وتعلم العلم الشرعي، وقيام الليل والخشوع في الصلاة، فكنت أفكر لو أني حولت لكلية ثانية سهلة ولو لم أحبها جدا، حتى أركز في العبادة، وأمي تقول لي اجعل مذاكرتك بنية أنك تنفع المسلمين.
لكن لست مقتنعا تماما، لأن الشخص المتفرغ للعلم الشرعي سيأخذ ثوابا أكثر مني، لكن المشكلة أن نفسي لا تطاوعني كي أترك الكلية لأني أحبها، وأيضا مجهودي في العلوم الشرعية أقل من مجهودي في الكلية بكثير، وأحس أحيانا أني أستمتع بالدراسة فيها أكثر من دراسة العلوم الشرعية، ولا أدري هل هذا نفاق لأني أفضل الدنيا على الآخرة؟ عموما جزاكم الله خيرا وزادكم علما ونفع بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا
لست منافقا يا بني! بل أنت شاب مجتهد صاحب نية طيبة، سينفع الله بك الأمة يوما ما، وقد سرنا أسلوب والدتك الكريمة، وطريقة توجيهها لك، ونحن معها في رأيها أن تستمر في تخصصك الذي تحبه، لتبدع فيه وتنفع الأمة، ولا داعي للانتقال إلى دراسة تخصص الشريعة طالما شرعت في تخصص آخر تحبه، ونفع الأمة ليس محصورا في دراسة الشريعة.
بل إن أي تخصص فيه نفع للناس فأنت مأجور عليه، والأجر على قدر نيتك وإخلاصك، بل قد يكون تخصصك أكثر أجرا من تخصص الشريعة، لا سيما إذا كان تخصصك لا يحقق كفاية الأمة فيه فيكون حينها التخصص فيه من باب الواجب الكفائي، بينما تجد أن تخصص الشريعة يدخله الكثيرون ويشهد تشبعا، ويغدو حينها من باب المندوب لا الواجب، ومعلوم أن أجر أداء الواجب أعظم أجرا عند الله تعالى من أداء المندوب.
وفي هذه الحالة يتبين لك بأنك ستأخذ ثوابا أكثر من الشخص المتفرغ للعلم الشرعي إن كنت تؤدي واجبا وهو يؤدي مندوبا، وليس كما اعتقدت أنت.
إضافة إلى أن العلم الشرعي يمكنك تعلمه والتوسع فيه مع الوقت، وهو علم واسع لا يستطيع الشخص تحصيله بمجرد سنوات قليلة في الجامعة، بل يمتد معك طوال العمر، فإذا تخرجت بإذن الله ستجد الوقت الكافي للبدء في دراسة الشريعة أو في تخصص منها تميل إليه، كالتفسير أو الفقه أو غيرها، ويمكنك أن تستفيد من الدروس المنشورة في فضاء الانترنت لتقوية معلوماتك وحصيلتك الشرعية بالإضافة لتخصصك الذي تبدع فيه.
نقطة أخيرة فيما يتعلق بالعبادات وحفظ القرآن الكريم، لا شك أنها مهمة ويحتاجها المسلم، ولكن يمكنك الاقتصار على القدر الواجب منها بداية، ثم تزيد شيئا فشيئا حسب ما يتاح لك من فراغ، بحيث لا تؤثر على دراسة تخصصك، وهي سنوات معدودات لتنتهي من التخصص، وبعدها سيكون لديك متسع من الوقت لتضيف مزيدا من العبادات إلى سجل أعمالك اليومية.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.