السؤال
السلام عليكم.
أبي كان عنيفا جدا، فقد كان يضربني بجنون، وأمي مهملة جدا، وتعرضت لمواقف عنيفة جدا في حياتي، وغرقت في مستنقع من المعاصي حتى أرجعني الله إلى دينه، وحفظت 21 جزءا من القرآن، ولكن حالتي النفسية ليست سوية، عملت الفحوصات اللازمة لمدة ثلاث سنوات، ما تركت عيادة إلا وزرتها، ولكن النتائج كانت سليمة -والحمد لله-.
منذ سنوات وأنا أعاني من قلق شديد جدا، أصبحت في آخر السنوات قلقا دائما، وفي كل لحظة، وبدون سبب واضح، ومنذ ست سنوات بدأت أشعر بثقل شديد في رجلي، أشعر بشيء يضغط إلى الداخل مع حرارة، ثم ينتقل إلى جميع أجزاء جسمي تقربيا.
أصبح في حالة من الهستيريا عندما أتعرض لموقف بسيط مثل التخاصم مع طفل صغير، وعندما أصلي بالناس رجلاي ترقصان، وأشعر بخوف شديد.
كلما ينتهي موقف تأتي على ذهني أفكار كثيرة كان يمكن أن تجعل الموقف أفضل، وأفكار جيدة أو سيئة، وعندما أنوي فعل شيء أتخيل أن هناك شيئا سوف يحدث، وأضع فرضيات تشبه قصص الخيال حتى أستقيظ وأشعر بالندم.
دائما أفكر في أشياء عديمة القيمة لمدة طويلة حتى يأتي موقف آخر يشغل ذهني، دائما رأسي فيه شيء يدور فيه، ولكن أحيانا لا أعرف ما هو، أفكر في أمور مضت منذ سنوات، ولو فعلت كذا ما صار كذا، وأتردد في اتخاذ القرارت.
منذ شهر بدأ عندي ضغط في الفكين بدون سبب، وقد تصل ساعات نومي في اليوم إلى 10 ساعات وأكثر ولكنها لا تكفيني، وسريع البكاء إذا تعرضت إلى الأذى، وأعاني من غازات كثيرة، وأحتاج إلى التبول كثيرا (عملت مزرعة وسكري) ولكن -الحمد لله-.
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حذيفة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أنا اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، وقد عرضت حالتك بصورة واضحة وطيبة، وما وصلت له من خلاصة تشخيصية هو أنك تعاني من درجة بسيطة من (القلق الاكتئابي)، وكل أعراضك التي ذكرتها في النقاط الواضحة بذاتها تشير إلى ذلك، وأطمئنك أن الاكتئاب الذي تعاني منه ليس من الدرجة الشديدة أو المطبقة، ولديك أعراض جسدية لكن منشأها نفسي، خاصة موضوع كثرة الغازات وحاجة التبول بكثرة، هذه دائما نجدها لدى بعض الناس الذين يعانون من القلق أو القلق الاكتئابي، فالحالة تعتبر حالة نفسوجسدية.
طبعا أول ما أنصحك به – أخي الكريم – هو أن تتوقف عن التنقل بين الأطباء، هذا في حد ذاته علة معيقة جدا تؤدي إلى ما يمكن أن نسميه بـ (المراء المرضي)، وهو أكثر من التوهم. فيا أخي: توكل على الله، وعش حياة صحية، واذهب إلى طبيب واحد بصفة دورية، مثلا مرة كل أربعة أشهر، أو كل ثلاثة أشهر، أو كل ستة أشهر، وذلك من أجل عمل الفحوصات والفحص الدوري، هذا جيد، وهذا ممتاز، وهذا يطمئنك، ويجعلك تعرف وضعك الصحي، وفي ذات الوقت إن شاء الله يمنعك تماما من التنقل والتردد بين العيادات.
النقطة الثانية هي: أن تعيش حياة صحية بقدر المستطاع، والحياة الصحية لها متطلبات، أهمها: تجنب السهر، والنوم المبكر فيه خير كثير للإنسان، يؤدي إلى استقرار كامل في الخلايا الدماغية والجسدية، ويستيقظ الإنسان مبكرا وهو نشط، ويبدأ يومه بصلاة الفجر، وهذا فيه خير كثير جدا، والذين يعملون في الصباح دائما تجدهم في حالة من الانبساط والانشراح والنشاط.
ولابد يا أخي أن تمارس رياضة، أي نوع من الرياضة، الرياضة مهمة جدا، تقوي النفوس قبل الأجسام، وأنا متأكد أنها سوف تقضي على معجم الأعراض التي تشتكي منها.
أنا لا أعرف إذا كنت في مراحل دراسية أو كنت تعمل، عموما ما تقوم به الآن عملا كان أو دراسة يجب أن تكون مجيدا له، ويجب أن تسعى دائما في التميز والإجادة.
لا أريدك أبدا أن تعيش في سلبيات الماضي (التنشئة والطرق التربوية)، هذا أمر قد انقضى تماما، أريدك أن تعيش قوة الحاضر، والحمد لله تعالى أنت بفضل من الله تعالى صححت مسارك، وحفظت واحدا وعشرين جزءا من القرآن، ما أعظمها من جائزة، أنا أعتقد أنك قد كافأت نفسك تماما، فأرجو أن تستمر في نفس المنهجية وتحفظ القرآن كاملا -إن شاء الله-.
لابد أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، الحياة فيها أشياء طيبة وجميلة، لا تحرم نفسك منها، واحرص على القيام بالواجبات الاجتماعية، وابن صداقات مؤسسة، هذا سيساعدك كثيرا في تخطي المزاج الاكتئابي القلقي، وتوجه طاقاتك النفسية التوجيه الصحيح، وتتحول هذه الطاقات من طاقات سلبية إلى طاقات إيجابية.
القراءة مهمة جدا، تفيد الإنسان كثيرا، وحسن إدارة الوقت أيضا تتطلب أن يكون للإنسان مشاريع حياتية، فاحرص على ذلك أخي الكريم.
سوف أصف لك دواء جيدا وممتاز جدا، يسمى بـ (فلوكستين)، اسمه التجاري (بروزاك)، وربما تجده تحت مسمى آخر في بلادكم، تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها كبسولتين يوميا لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
هو دواء رائع جدا، وسوف يفيدك إن شاء الله تعالى، وهو سليم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.