السؤال
السلام عليكم
وفقكم الله على هذه المجموعة الجيدة.
سؤالي: أنا مدير مؤسسة، وبالفترة الأخيرة أصبحت أمر بحالة لا أعرف وصفها أو تشخيصها.
تعرضت لصدمة قديمة قبل ١٥ سنة وتعالجت، لكن بقيت مشكلة الخوف متأصلة عندي طول هذه السنوات، لكن حالتي تأزمت في الفترة الأخيرة من قبل ٩ شهور إلى الآن.
عندما أرى شخصا قصر في عمله وأريد محاسبته أشعر بشعور مزعج جدا، وهو توتر شديد جدا أشبه بالغضب، وتشنج ورجفة باليد وخنقة وخفقان.
ثم اتسعت هذه الحالة عندما أتعرض لأي إزعاج وأنا أقود السيارة، حيث أتعرض للنوبة ذاتها إذا أزعجني أحد.
ذات مرة شاهدت سيارة جاري قرب بيتي فانزعجت، وحصل لي توتر وغليان داخلي، وشعور بعدم الارتياح، علما أن الأعراض داخلية وليست ظاهرية، ماذا تعني هذه الأعراض؟ وماذا تسمى علميا؟
أرجو الرد وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ kaledmerza حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
هذه الأعراض التي تحدث لك هي نوع من عدم القدرة على التكيف، والإنسان بطبيعته يبحث دائما عما يناسبه وما يلائمه، وبعض الناس ليس لهم القدرة أن يتكيفوا مع الظروف المحيطة بهم، أو يحاولوا أن تسير الأمور كلها كما يريدون، وهذا طبعا صعب، وحقيقة الأمر: أنت لديك منظومة من القيم، وهي منظومة عظيمة جدا، حيث إنك لا تحب التقصير في العمل مثلا، لكن هذه المنظومة كانت حملا ثقيلا عليك أيضا لأنها جعلتك لا تقبل أي تقصير من شخص آخر في عمله.
إذا التقصير من الآخرين يتصادم مع منظومتك القيمية، وهذا هو الذي يزعجك كثيرا، وفي ذات الوقت مثلا الإزعاج في الشارع قطعا هو أمر مرفوض، وكثير من الناس لا يتحملون الضوضاء التي تحدث حولهم أو في الشوارع مثلا، لكن هذا أمر واقعي، وهذا أمر يحدث، ولا نستطيع أن نتحكم فيه، إذا علينا أن نتكيف مع هذا الأمر، أن تكون هنالك درجة من القبول، في حالتك هذا لا يحدث، لأنه يتصادم مع منظومتك القيمية.
هذا هو التفسير لحالتك هذه -أيها الفاضل الكريم- وكل الذي أقوله لك: يجب أن تبحث عن المزيد من التكيف والمزيد من التواؤم والمزيد من التطبع على كل الأشياء التي ليس في مقدورك أن تغيرها، حتى إذا أنت رأيت مثلا أمرا منكرا فديننا حقيقة يوضح لنا هذا الأمر، والحل الجميل والحل العظيم هو: (إذا رأى أحدكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه).
فيا أخي: مجرد أن تبدي عدم الرضا هذا في حد ذاته نوع من التغيير الذي يجب أن يؤدي إلى نوع من التكيف والتواؤم مع هذا الوضع.
وأنا أقول لك شيئا مهما جدا، وهو: في كثير من الأحوال يجب أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، حتى في داخل أسرنا، (أزواجنا، أولادنا، أقربائنا، أصدقائنا)، وهذا ليس نوعا من السلبية أبدا، ليست السلبية في المواقف، إنما هو أمر يرفضه الواقع.
فأرجو أن تكيف نفسك، أن تقبل الواقع الذي حولك دون أن تتنازل عن مبادئك، ودون أن تتنازل عن منظومتك القيمية، ويجب أن تكون توقعاتك في حدود الواقع، مثلا الضوضاء في الشوارع لا يمكن أن نغيرها أبدا، فلماذا تشغل نفسك بها؟! لا بد أن تجري مثل هذا النوع من الحوارات مع نفسك.
وأنا أنصحك أيضا بأن تمارس الرياضة، الرياضة تؤدي حقيقة إلى زوال الطاقات النفسية السلبية، وعدم القدرة على التواؤم أو التكيف أيضا يكون ناشئا في كثير من الأحوال من طاقات نفسية قلقية سلبية تحتقن، فالرياضة مهمة. تمارين الاسترخاء مهمة جدا، وتوجد برامج ممتازة على اليوتيوب يمكنك الاستعانة بها لتطبيق هذه التمارين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.