السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شابة عمري 21 سنة، عانيت من الوسواس القهري وأنا صغيرة، ولكن -الحمد الله- قد خفت أعراضه تماما.
منذ شهر ونصف بدأت أفقد الشعور، ولا أرغب في فعل أي شيء، وتقدم أحدهم لخطبة أختي الصغيرة، منذ حينها وأنا أشعر بالحزن، ولكنني بدأت أشعر بالغيرة والكره، وأصبحت ضربات قلبي سريعة جدا، ونفسي ثقيل، ووجهي شاحب، وحزينة طوال الوقت، وصدري يؤلمني جدا جدا.
ذهبت إلى طبيبة نفسية وأخبرتها أنني كنت أعاني من الوسواس، وشرحت لها ما أمر به حاليا، ولم أستفد شيئا، فقد كتبت لي أدوية كثيرة للفصام، وأنا لا أعاني منه، ووصفت بعض المهدئات للوساوس، خفت من الأدوية بعد تحذير الصيدلي لي، وخاصة أنني لم أتناولها من قبل.
الغريب أنني أصبحت أشعر بأني مختلفة عن الناس، ولدي مشاعر الكره، وضربات قلبي تزداد كلما سمعت سيرة العريس، أو عن نجاح أي شخص، وفوق كل هذا ظهر شيء جديد فأنفى بدأ يؤلمني جدا، مع صداع شديد وخمول، وأنام لفترات طويلة، وأصبحت متوترة طوال الوقت، وتسقط الأشياء من يدي أحيانا.
حزينة جدا، وأريد أن أعود لنفسي القديمة، ولا أعرف كيف؟ وأكثر ما يتعبني هو ضيق التنفس، وصعوبته الشديدة، وآلام الصدر، ومشاعر الكره، أرجوكم أريد حلا لأنني تعتب جدا.
وشكرا مقدما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وكلنا يجب أن ندعو لأختك الصغيرة بأن يتم زواجها، وأن تعيش حياة زوجية طيبة وهانئة، وأن يكون زوجها زوجا صالحا، وأن يهبك الله تعالى أنت أيضا الزوج الصالح.
يجب أن يكون شعورك على هذا السياق، والإنسان حين تأتيه أفكار سيئة وقبيحة وغير منطقية، وتجعل نفسه تحتقن احتقانات خاطئة؛ يجب أن يرفض هذا النوع من الفكر، ويجب أن يبغضه، ويجب أن يحقره. هذه نقطة مهمة جدا.
أنت -بفضل الله تعالى- تملكين العقل والقوة والقدرة المعرفية، وأنت كاملة الأهلية، ومرتبطة بالواقع، وتفرقين بين الخير والشر والحق والباطل، وحكمك على الأمور صحيح، فيجب أن ترفضي هذا الفكر رفضا تاما، وعليك أن تكثري من الاستغفار، الاستغفار إن شاء الله تعالى هو من الأدعية العظيمة التي تطهر النفس من كل غيرة ومن كل حقد وحسد وغير ذلك من أمراض القلوب. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: معاناتك فيما سبق من وساوس قهرية ربما تكون دليلا على أنه أصلا لديك القابلية والاستعداد للقلق والتوترات السلبية، وهذه لا أريدك أبدا أن تعتبريها مرضا، هذه مجرد ظواهر.
أنت ذهبت إلى طبيبة نفسية، وذكرت أنها قد كتبت لك أدوية، بعضها يحتوي على مضادات الفصام، حقيقة لا أعرف لماذا قامت الطبيبة بهذا، وأعتقد أن القرار الصحيح هو أن ترجعي إلى الطبيبة وتستفسري عن كل الأدوية، هذا من حقك تماما، ومن حقك أيضا أن تسأليه عن تشخيص حالتك على وجه الدقة.
ما قاله لك الصيدلي ليس صحيحا، الصيدلي مهمته أن يصرف الأدوية، ويتأكد أن الجرعات سليمة وصحيحة، وإن أراد أن ينصحك مثلا فيما يتعلق بالأدوية وأنها لمرض الفصام، هنا تذهبين أنت وتستفسري من الطبيبة، هذا هو الأمر الصحيح.
وأنا أقول لك أن كثيرا من حالات الوسواس القهري تتطلب دواء مضادا للفصام، ويعطى هذا الدواء غالبا بجرعة صغيرة جدا. مثلا هناك عقار (ريسبيريدون Risperidone)، هذا الدواء أصلا مضاد لمرض الفصام، لكن الجرعة المضادة للفصام يجب ألا تقل عن أربع مليجرام، لكن كثيرا ما نستعمله بجرعة نصف مليجرام، أو واحد مليجرام، أو حتى اثنين مليجرام كدواء داعم للأدوية المضادة للوساوس، مثلا: وجدنا أن عقار (بروزاك Prozac) وهو مضاد للاكتئاب لكن فيه خاصية قوية جدا لعلاج الوساوس، حين نعطيه مع جرعة صغيرة من الريسبيريدون – والذي هو أصلا مضاد للفصام – تكون هناك نتائج علاجية ممتازة جدا.
ربما يكون الطبيبة قد قصدت هذا المنحى العلمي. وكما ذكرت لك الذهاب إليها والاستفسار منها مهم جدا.
أريدك أن تكوني أيضا في تفكيرك، أن تصرفي انتباهك عن كل هذا الفكر السلبي، وتعيشي حياتك بقوة، تنظمي وقتك، تجتهدي في دراستك، تكون لك صداقات مع الصالحات من البنات، تكوني بارة بوالديك، يكون لك وجود حقيقي وفكر إيجابي حقيقي، هذا هو الذي سوف يساعدك إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.