السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد - أحبتي في الله - أختي عمرها ١٤ عاما، تعاني من حالات نفسية صعبة لم نستطع لا نحن ولا حتى الأطباء تفسيرها.
عندما تذهب للنوم أو عندما تأكل الطعام تخاف من الموت، تقول أحيانا أنها تشعر بدوار، وتغيب أحيانا عن المدرسة بحجة الدوار وضيق التنفس، عندما نتجمع سوية على طاولة الطعام، تختلق أعذارا كي لا تأكل معنا؛ لأنها تحس بالخوف.
قمنا بإجراء فحوصات شاملة لجسمها ولا يوجد أي خلل عضوي في جسدها، ذهبنا بها إلى طبيب نفسي أيضا لكن دون جدوى.
لقد ضقنا بها ذرعا ولم نعد نعرف ماذا نصنع معها! نقول لها دائما إنها بخير ولا يوجد بها شيء، وأنه لا يجب عليها أن تعير اهتماما لهذه الأفكار، ولكن دون جدوى.
على قدر ما فهمت من كلام أمي، أن أختي شاهدت مقطعا من مسلسل يصورون فيها لحظة خروج الروح أو ما شابه هذا، ومن حينها بدأت معها هذه الحالة.
ماذا يمكن أن نصنع معها؟ وهل يوجد لها حل؟
أرجو أن يجيب على سؤالي الدكتور/ محمد عبد العليم.
جزاكم الله خيرا كثيرا ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا أخي على اهتمامك بأمر أختك، وثقتك في الشبكة الإسلامية.
من الواضح جدا أن هذه البنية – حفظها الله – لديها ما نسميه بقلق الفراق أو خوف الفراق. يعرف تماما أن من هم في عمرها حين تظهر عليهم أعراض نفسوجسدية وتكون مصحوبة بالتردد أو عدم الإقدام على الذهاب إلى المدرسة – كنوع من الدفاع النفسي السلبي – وحتى موضوع كلامها عن الموت أنها تحس بالخوف، هذا كله مرتبط بما نسميه بقلق الفراق أو خوف الفراق، أيا كان هذا الفراق، ومن الواضح أنها تحس كثيرا بأمان البيت ومن هم في البيت، وتتخوف كثيرا من مواجهة العالم، كل العالم.
وهذه البنية – حفظها الله – ربما يكون لديها وضع خاص، مثلا: نعرف تماما أن الطفل الأخير أو الطفل الأول أو الطفل الذي ولد بعد فترة من عدم الإنجاب، أو الطفل الذي استأثر بمحبة خاصة من جانب الوالدة أو من جانب الوالد أو من جانب الإخوان، هذا الطفل دائما يكون باحثا عن المزيد من الانتباه والاستئثار بمحبة الآخرين، وأن يجدوا له حتى الأعذار في أخطائه.
لا أحب أن أسمي الأمر أن له علاقة بالتربية المدللة، لأن هذا ليس صحيحا في جميع الأحوال، لكن يتضح لي حقيقة أن هذه الابنة ليس لها مشكلة كبيرة حقيقة، بالرغم من أنك ذكرت أنك لم تجدوا حلا لحالتها ولا تفسيرا. أنا الآن قمت بإعطائك التفسير إن شاء الله. هي باحثة عن المزيد من لفت الانتباه وشد الانتباه، والمزيد من الحماية النفسية، والمزيد من الاعتبار، تبحث عن هذا.
العلاج: طبعا يجب ألا نكافئها على هذا السلوك الخاطئ، نتعامل معها على مستويات ثلاث:
- نتجاهل أعراضها ومطالبها غير المنطقية. هذه النقطة الأولى.
- نحفزها على كل تصرف إيجابي، بل نشجعها على ذلك.
- أن نوجها مع شيء من التوبيخ البسيط حين يصدر منها سلوكيات خاطئة.
هذه هي المستويات السلوكية الثلاثة التي يجب أن تطبق في حالة هذه الفتاة حسب ما أرى، مع ضرورة تشجيعها وتحفيزها كما تفضلت، لكن تجاهل أعراضها أعتقد أنه أمر مهم وضروري جدا، ويجب أن يكون هنالك نوع من الصرامة في موضوع الذهاب إلى المدرسة، هذا أمر لا مساومة فيه أبدا، وحتى نساعدها نجعلها تحضر لمتطلبات اليوم الدراسي من الليلية التي تسبق الذهاب إلى المدرسة في الصباح، تعد كتبها، تحضر نفسها، تجهز ملابسها، تنام مبكرا. هذا النوع من الإعداد إن شاء الله تعالى يحفزها كثيرا.
وأن نلجأ فعلا لأسلوب التشجيع هذا مهم، مع تجاهل ما هو سلبي. هذه الابنة – حفظها الله – أيضا يجب أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، هذا يساعدها نفسيا كثيرا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.
هذا هو الذي أود أن أنصح به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.