الوسواس يشغلني عن التركيز في الصلاة

0 26

السؤال

السلام عليكم.

أنا مصابة بالوسواس القهري الفكري، وقد قرأت أنه مرض قد يبقى طوال الحياة، وأرسلت استشارة لكم في هذا الموقع فأخبرتوني أن أراجع طبيبا نفسيا، وبعدها قررت أن أفعل هذا حقا بعد عدم طاقتي على الوضع، ولكن بعدما قرأت أنه مستمر، أحسست أنه لا جدوى من العلاج، وسأبقى هكذا إلى أن يشفيني الله تعالى.

وأنا أريد أن أوضح حالتي، فهي ليست أفكارا كلامية، بل هي صور متكررة في دماغي، بحيث إذا رأيت شيئا، أو أي شخص قد أراه وأسمع به، يبقى في ذهني طوال اليوم، ويؤثر على صلاتي، لأنه مطبوع في ذهني بدون إرادتي، أحاول مجاهدة طوال اليوم لكي أؤدي الصلاة، وأشعر بأنها لا تقبل لأني لم أؤدها بتركيز، وأخاف عندما أقرأ أحاديث تقول إن الله يقبل على العبد طالما فكره غير منشغل، وأنه تعالى يقول أنا خير من من تلتفت إليه، وأن ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، وأنا جدا أعاني من تأنيب الضمير، وأحس باليأس، وبعدها أستغفر.

جزاكم الله خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yaman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن سعداء جدا برسالتك هذه، ونسأل الله تعالى لك العافية.

بالفعل الذي تعانين منه هو وسواس قهري، والوسواس القهري قد يكون في شكل أفكار، أو نوع من الطقوس التي يكررها الإنسان واعتاد عليها، أو نوع من الاندفاعات، أو نوع من الشكوك، أو قد يكون فعلا نمطيا متكررا، أو قد تكون صورة ذهنية كما هو الآن لديك.

فأنت لم تخرجي من نطاق الوسواس أبدا – أيتها الفاضلة الكريمة – وفي مثل عمرك الوساوس تأتي وتذهب -إن شاء الله تعالى-.

هذا الكلام الذي ذكرته – وهي: أن الوساوس تظل طول الحياة – ليس صحيحا، أو -حتى نكون علميين ودقيقيين- عشرة بالمائة (10%) من مرضى الوساوس القهرية يظل الوسواس لديهم مطبقا ويستمر معهم، هذه حقيقة، لكن هذه نسبة ضعيفة، وهؤلاء قد أهملوا أنفسهم، ولم يقدموا على برنامج علاجي حقيقي، وتعايشوا مع الوسواس، أو ألفوا الوسواس، أو جعلوا الوسواس جزءا من حياتهم، وأحسب أنك لست من هؤلاء أبدا. إذا تسعين بالمائة (90%) من الذين يعانون من الوساوس القهرية يتم علاجهم، ووسط هؤلاء التسعين بالمائة نستطيع أن نقول إن سبعين بالمائة (70%) يشفون شفاء تاما بحول الله وقوته، والعشرين بالمائة الباقية (20%) تأتيهم الوساوس من وقت لآخر، ولكن أيضا يكونون في فترات شفاء طويلة جدا والوساوس لا تعطل حياتهم.

فإذا مآلات الوساوس هي مآلات ممتازة وفي إطار العلاج والشفاء منها بإذن الله تعالى.

خذي هذه الحقائق العلمية مني، وأريدك الآن حقيقة أن تطبقي التطبيقات السلوكية المعروفة على هذه الوساوس:

1. اكتبي هذه الأفكار أو الصور الذهنية في ورقة، ابدئي بأضعفها وأقلها، وانتهي بأشدها، ثم طبقي عليها ثلاث تطبيقات سلوكية معروفة:

2. التطبيق الأول هو ما نسميه بتمارين (إيقاف الأفكار): خاطبي الفكرة أو الصورة الذهنية قائلة: (قف، قف، قف، أنت فكرة سخيفة، أنت صورة ذهنية وسواسية حقيرة ...) وهكذا، مخاطبة وراء مخاطبة حتى تحسي بشيء من الإجهاد، هذا علاج ممتاز.

3. ثم بعد ذلك على نفس الفكرة تطبقين التمرين الثاني، وهو ما نسميه بتمرين (صرف الانتباه)، ومن خلال هذا التمرين يأتي الإنسان بفكرة سامية، فكرة راقية، فكرة تعلو على الوسواس، مثلا: تأملي في شيء جميل في حياتك. مثلا: تأملي في التنفس لديك، كيف أن الأكسجين يدخل في الرئتين، وكيف أنه ينتشر في الدم، وكيف أنه يعطينا الطاقات، ثم بعد ذلك قومي بعد التنفس لديك لمدة دقيقتين أو ثلاث، وهكذا. أنا أعطيك مجرد أمثلة. إذا من خلال الإتيان بفكرة أعلى وأفضل وأسمى لتعلو على الوسواس وتنتهي الوساوس والصور الذهنية الوسواسية.

4. والتمرين الثالث هو ما نسميه بتمرين (التنفير)، وفي هذا التمرين: تربطي الفكرة أو الصورة الوسواسية بشيء منفر، بشيء مقزز، بشيء مؤلم للنفس. مثلا: اجلسي أمام طاولة خشبية مثلا، وفي هدوء شديد استجلبي الفكرة أو الصورة الذهنية الوسواسية وقومي بالضرب على يدك بقوة وشدة، حين يكون هنالك تمازج ما بين الوسواس وما بين إيقاع الألم على النفس؛ مما يضعف الوسواس، هذه حقيقة علمية. هذا التمرين يكرر عشرين إلى ثلاثين مرة متتالية، بمعدل مرتين في اليوم.

إذا هذه الجلسات العلاجية النفسية مطلوب منك أن تقومي بها، وهكذا تطبق هذه التمارين على كل فكرة وسواسية، تتعاملين معها على نفس هذا البرنامج السلوكي.

وبصفة عامة: حاولي أن تتخلصي من الفراغ الذهني والزمني، حاولي أن تمارسي الرياضة، حاولي أن تطبقي بعض التمارين الاسترخائية، وعيشي حياتك بقوة وأمل ورجاء، وكوني بارة بوالديك، وحقري هذه الوساوس تماما.

طبعا العلاج الدوائي أيضا سوف يكون مفيدا لك، لكن نسبة لسنك وعمرك يفضل أن تقابلي أحد الأطباء، وعقار (فافرين Faverin) والذي يسمى (فلوفوكسامين Fluvoxamine) سيكون هو الدواء المثالي جدا بالنسبة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات