تعبت من وسواس الموت والخوف من كورونا، أرجو الإفادة

0 34

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

منذ أيام وأنا أريد إرسال هذه الاستشارة، لأنني بحاجة ماسة للإجابة.

منذ عامين تقريبا كنت أعاني من الوسواس القهري، ووسواس الموت، فكانت تأتيني نوبات الهلع، وأشعر بأنه سيغمى علي، وبعد فترة تعود الأمور طبيعية.

-الحمد لله- استطعت التخلص منها نهائيا، ومنذ عامين لم تأت أي نوبة.

قبل شهرين تقريبا أصبنا جميعنا بالكرونا، جميع عائلتي، وعانيت من وساوس الموت في حينها، وأصبت بنوبة هلع، و-بفضل الله تعالى- شفانا الله في غضون 14 يوما، إلا والدي فقد نقلناه للمستشفى، لأنه بدون أوكسجين مستمر لا يستطيع العيش، وبقي يصارع المرض، وتوفي تقريبا قبل 13يوما بالضبط.

منذ وفاة أبي أصبحت حالتنا يرثى لها، ونعيش في صدمة نفسية كبيرة جدا.

بعد أيام من وفاة أبي رجعت لي وسواس الموت، وعادت نوبة الهلع، قبل خمسة أيام، كنت أوسوس أنني سوف أختنق مثل والدي، وبلا سبب يذكر.

فجأة أشعر بأنني غير قادر على التنفس، وسوف أختنق وسأموت خلال دقائق، أو نصف ساعة، ثم يرجع تنفسي طبيعيا، فأصبحت لا أبذل أي مجهود بدني خوفا من الاختناق.

في العراق حاليا نحن نمر في فترة تغير الجو، من صيف حار إلى شتاء بارد، والعديد من الناس يصابون بالرشح، وصحوت منذ ثلاثة أيام وأنا أشعر بالتعب وألم العضلات في جسمي وظهري، وانسداد في أنفي، ومنذ ذلك اليوم وأنا خائف من الكرونا، علما أنني لم أختلط بأحد، لكني أخاف أنني مصاب.

خائف من استمرار الأعراض وأن تطول مدتها، لأنها إذا بقيت لأكثر من أسبوع ستكون كورونا وليست انفلونزا، وأيضا أعاني من براز مخاطي وآلام وغازات.

أفيدوني وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك ولجميع موتى المسلمين.

الموضوع الخاص بالآثار النفسية للكورونا معروف الآن، أصبح بما لا يدع مجالا للشك أن حوالي ستين بالمائة (60%) من الذين يصابون بالكورونا يصابون أيضا بالمخاوف المرضية، خاصة الخوف من الموت، وبعضهم تأتيهم الوساوس والقلق والتوترات والاكتئاب.

وأنت – أيها الفاضل الكريم – من خلال استشاراتك السابقة أوضحت أنه في الأصل لديك شيء من عسر المزاج، والتقلبات المزاجية، يظر أنها سمة ملازمة لك، وهذه -إن شاء الله تعالى-ليست مرضا نفسيا حقيقيا، لكن جعلتك يكون لك قابلية واستعداد لأن تكون الهزات والتفاعلات النفسية شديدة الوقع عليك.

وطبعا وفاة الوالد –رحمه الله– هي حدث حياتي كبير، ويجب أن تتفاعل معها باليقين القاطع أن الموت أمر لا جدال ولا نقاش حوله، {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}، وتكثر من الدعاء لوالدك (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) منهم (الابن الصالح الذي يدعو له)، وأحسب أنك ذاك الابن الصالح، فلا تقصر من هذه الناحية، وأنا متأكد أن الدعاء سيكون له أيضا وقع إيجابي كبير عليك.

فاحرص على هذا وتصدق بما تستطيع أيضا في ثواب الوالد -إن شاء الله تعالى-، وصل من كان يصلهم، وحاول أن توفي بما كان يقوم به بقدر المستطاع، هذا يعوضك تماما عن التعبير السلبي عن الأحزان، يجب أن يكون شعورك شعورا واقعيا وشعورا إيجابيا، وتحقر الوساوس، وتحقر المخاوف هذه.

والخوف من الموت يجب أن يكون خوفا شرعيا، وليس خوفا مرضيا، خوفا يجعلنا نعمل لما بعد الموت ونستعد له، لا أن نترك العمل، الخوف الشرعي يحفز الإنسان لعمل الصالحات، ويسعى الإنسان في أن لا تقبض روحه وهو مرتكب للآثام والذنوب.

أيها الفاضل الكريم: أنا أعتقد أن التفاعل الذي يمر بك هو تفاعل متوقع، حيث إنه لديك بعض الاستعداد – كما ذكرنا – للقلق وللخوف وللوسوسة، وأيضا مرت بك أحداث حياتية كبيرة –هي الكورونا وبعدها وفاة الوالد– وأصبحت الآن تتحسس حول كل الأعراض التي تشبه الكورونا، حتى ولو كانت أنفلونزا.

اجعل لنفسك يقينا قويا قاطعا، وتوكل على الله تعالى، واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، احرص على الصلاة في وقتها، احرص على الأذكار، فالأذكار مطمئنة جدا، مارس الرياضة، اجتهد في دراستك، لا تتخلف عن أي واجب اجتماعي، وتواصل اجتماعيا، وكن نافعا لنفسك ولغيرك ...

هذه هي الأشياء التي يجب أن تقوم بها، ولا أراك أبدا في حاجة لعلاج دوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات