السؤال
السلام عليكم.
عندي مشكلة، صار لي تقريبا ٣ أشهر لم أنجز فيها أي شيء في حياتي، وأحس بالذنب الكبير؛ لأنني أعلم أنني محاسبة على كل دقيقة في حياتي، في البداية كنت لا أفعل أي شيء، وأقول: مالي خلق (أي: لا أريد، أو لا أستطيع)، كنت سابقا أعمل وأرتب باستمتاع، ولكن الآن أحس أن الأمر صار صعبا علي، وبعد فترة صرت أبكي لمدة أسبوع تقريبا؛ لأنني لم أفعل أي شيء، فقط آكل، وأصلي، وأحاول أن أحافظ على الأذكار وأنام، وأفتح المصحف في بعض الأحيان، وأحيانا كنت أشاهد الفيديوهات الدينية.
أحس أن ليس لدي هدف واضح، ولا أعرف كيف أضع أهدافي، وعندي مشكلة هي: أنني لا أخشع في الصلاة، ولا أثناء قراءة القرآن، ولا أحس بالراحة، وكلما أقول في نفسي سأتغير وأفعل شيئا أحس أن في دماغي شيئا يمنعني من فعله، وكل يوم تقريبا أتفاءل قليلا وبعدها أحس بالإحباط والضياع، ولا أحس بالمتعة، وعندما أستيقظ من النوم أشعر بالضيق في قلبي؛ لأن الروتين ذاته في كل يوم، وأريد أن أتوكل على الله وأتقرب منه أكثر، ولكن لا أعرف كيف؟
أشعر أن في مخي أفكار كثيرة، ولكني لا أعرف ما هي؟ لأنها تمنعني من فعل أي شيء، وفي بعض الأحيان أتردد في فعل عبادة ما، وأريد أن يكون قلبي حيا ويذوق طعم الإيمان، وأحيانا كثيرة تخطر على بالي أسئلة كثيرة، ولكن لا أسأل أحدا، فتبقى الأسئلة تدور في مخي بلا جواب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يعيد إليك الحماس والحرص على الخير، وأن يزيدك حرصا وخيرا، ونؤكد أن فكرة السؤال تدل على أنك شعرت بالخلل، وهذا دليل على حياة في النفس وحياة في الضمير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوقظنا جميعا، وأن يخرجنا من غفلتنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن الزمن له أهمية كبيرة، والوقت هو الحياة، وما من ثانية تضيع إلا وهو خصم من عمر الإنسان، لكن شعورك بهذا الشعور بأن الوقت يضيع وأنك لم تفعلي شيئا هو البداية المهمة للتصحيح، واستمري على ما أنت عليه من التلاوة والذكر والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وتعوذي بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط، كما أن الكسل نقص في التنفيذ، واستعيني بالله تبارك وتعالى، ولا تعجزي، وتوكلي على الله تبارك وتعالى، وافرحي ببدايات الطاعات التي تقومي بها، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان.
ونتمنى أيضا أن تخرجي الأسئلة التي في نفسك وتتواصلي مع موقعك، فإنما شفاء العي السؤال، وحاولي دائما ألا تنظري إلى الوراء، ولكن انظري إلى المستقبل، فالشيطان يريد للإنسان أن يحزن وأن يندم ويضيع وقته بهذه الطريقة. الإنسان الذي قصر عليه أن يتدارك، فما قصرنا فيه قبل ساعة نستطيع أن نتداركه في الساعة الجديدة، بعد أن نحمد الله الذي أعطانا عمرا جديدا.
وعليه: أرجو أن تأخذي ورقة وقلما، وتكتبي لنفسك أهدافا، تتذكرين فيها أولا أنك خلقت لغاية، وهذه الغاية هي في قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ثم حاولي أن تحشري نفسك مع رفقة صالحة، تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعة الله إن ذكرت.
هذه الرفقة من الأفضل أن تكون في الواقع، وإلا فعليك أن تدخلي مواقع نسائية فيها تذكير بالخير، وفيها تنافس في الخير، وفيها علم بأشياء ترضي الله تبارك وتعالى، وأشغلي نفسك دائما بالأمور التي تهمك في حياتك، فالتي في سنك ينبغي أن تدخل لتزيد من مهاراتها الحياتية، ومهاراتها في العمل، وتجنبي الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد.
ثم تواصلي مع أسرتك، وكوني معهم، فإنهم خير من يعينك على طاعة الله تبارك وتعالى، وابحثي في الخالات والعمات والجارات المطيعات، فإنهن عون على رضا رب الأرض والسماوات. ولا تشغلي نفسك كثيرا بما حدث في الماضي – كما قلنا – لأن البكاء على اللبن المسكوب لا يرده، ولكن انظري إلى المستقبل بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.
ومن المهم أن يحدد الإنسان أهدافه – كما قلنا – ثم يكتب هذه الأهداف، مع ضرورة أن تكون هذه الأهداف معقولة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اكلفوا من العمل ما تطيقون)، يعني: الإنسان ينبغي أن يختار الطاعات التي يستطيع أن يفعلها بالفعل. وعليك أن تنوعي في الطاعات طردا للملل، واعلمي أن كتاب الله جليس لا يمل، وصاحب لا يغش، وأشغلي نفسك بالعلم النافع، فإن الفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد.
نسعد بتواصلك مع الموقع، وننتظر طرح الأسئلة التي تدور في مخيلتك، حتى تجدي لها الإجابة، فلا تترددي في طرح أي سؤال، فنحن نرحب بك في موقعك وفي كل حين وآن.
نسأل الله لنا ولك الهداية والثبات، ونحن سعداء بهذه المشاعر التي دفعتك للكتابة إلى موقعك، حيث الآباء والإخوان والأمهات، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا عونا لك على رضا رب الأرض والسماوات.