السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاما، أحب مساعدة الفقراء، وأشفق عليهم كثيرا، وكنت متطوعة أثناء الفترة الجامعية في إحدى الجمعيات الخيرية لتقديم المشروعات الصغيرة للأسر الفقيرة، وتعلقت بالحالات الفقيرة كثيرا، وكنت أتابع أحوالهم باستمرار وأساعدهم، ولكن بعد أن تتسلم الأسرة المشروع وتتحسن أحوالهم المادية تتغير معاملتهم معي، كأنهم أخذوا مصلحتهم وانتهى الأمر! فقررت أن أترك العمل التطوعي وأن أركز في دراستي.
بعد التخرج قابلت أحد الأشخاص، وحدثني عن أسرة فقيرة، فقمت بزيارتهم وقدمت بحمد الله مساعدات كثيرة لهم، وبعد فترة كان رب الأسرة مريضا، ويحتاج إلى عملية جراحية، فتواصلت مع العديد من الأطباء وتمت العملية بالمجان والحمد لله.
قررت أن أتواصل مع الجمعية التي كنت متطوعة بها في السابق من أجل مساعدتهم على توفير مشروع لهم، ولكن ما يضايقني هو أني لاحظت أن الزوجة لا تحبني، وعندما أذهب لإعطاء مبلغ مالي لهم تكون غير سعيدة وتتعمد أمامي أن تنسب الفضل للجمعيات ولأشخاص آخرين، وتنكر أي شيء أفعله.
أقسم بربي أني أفعل ذلك لله، وأقوم بالعمل الصالح بنية أن يرزقني ربي في الدنيا والآخرة، ولكن الجحود والنكران يؤلمني كثيرا، لا أعرف؟ لماذا أصبح البشر بهذه القسوة مع أني لا أفعل شيئا، وأعامل الفقراء والأغنياء سواسية، وبمنتهى الاحترام؟
أحيانا يوسوس لي الشيطان أن أتخلى عن هذه الأسرة ولا أوفر لهم المشروع، أشعر بالضيق وكراهية البشر، خاصة أني تعرضت لصدمات كثيرة من أصدقائي، وها أنا أتعرض لصدمات أخرى من الفقراء أيضا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rossaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- الخيرة، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، ونسأله تبارك وتعالى أن يتقبل منك الخير، وأن يشغلنا وإياك بطاعته وبالخير.
أرجو ألا تتغير نيتك في العمل الصالح، في مساعدة الفقراء والمحتاجين، واجعلي نيتك أولا وأخيرا لله، واجعلي همك أن يرضى الله تبارك وتعالى، فإن رضا الله هي غاية الغايات، وإذا رضي الله عن الإنسان أرضى عنه خلقه، والمؤمنة عليها أن تطلب رضا الله، ولا تطلب رضا الناس، لأن الناس فيهم الغيرة وفيهم الحسد وفيهم الجحود، وهذا هو مكان الابتلاء ومكان الاختبار.
تعوذي بالله من شيطان يضخم عندك هذه الأمور، واعلمي أن ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انفصل وانقطع، فلا تتركي عمل الخير لأجل هذه المواقف، بل ينبغي أن تدركي أن هذا من فعل الشيطان، لأنه يريد أن يثبطك، ويريد أن تتوقفي، والشيطان لا يذهب ولا يقف في طريق من يريد المعصية، ولكن يقف في طريق من يريد الصدقة، والصلاة، والصيام، والخير، كما قال عدونا وجاء كلامه في كتاب ربنا: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم}.
إذا كان الإنسان يعمل لله تبارك وتعالى فلا يبالي مدحه الناس أو لم يمدحوه، شكره الناس أم لم يشكروه، لأن الشكور لا تخفى عليه خافية، ولأن الله يقول: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}، فاستمري في مساعدة المحتاجين، وتأكدي من الإخلاص، واصبري على ما قد يسمى جحودا أو نكرانا أو عدم اهتمام، بل ينبغي أن تدركي أن الهدف الأسمى لك هو إرضاء الله تبارك وتعالى، وستجدين أجرك وثوابك كاملا عند الله.
اعلمي أن نجاح الإنسان في عمل الخير أو في أي عمل يجلب له بعض الصعوبات، ومن الناس من لا يريد النجاح، ولكن توكلي على الكريم الفتاح، واستعيني به، واستمري في هذا الأمر، ولا تلتفتي لمثل هذه المواقف المذكورة، ولا يحملك هذا الجحود أو التقصير من بعض حول الحالة أو الحالة نفسها على التوقف عن فعل الخير.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر الترحيب بك في الموقع.