السؤال
السلام عليكم
(رسالتي هذه هي محاولة للفهم وليست شكوى أو فضح أسرارنا المنزلية أو لاستجداء الشفقة).
تزوجت منذ خمس سنوات من رجل صالح ويخاف الله في، بسبب الحرب بسوريا سابقا حرق منزلنا قبل زفافنا بعشرة أيام، وانتقل هو لغير محافظة، وأنا تخليت عن جامعتي وانتقلت إليه بعد ضغط مني على أهلي للموافقة.
بدأنا حياتنا من الصفر حرفيا، ومنذ ذلك الوقت وأمورنا متعسرة، لا نستطع الإنجاب وإلى الآن لا نعرف السبب، ولا أستطيع إكمال دراستي الجامعية بسبب ظروفه المادية، لا نستطيع الاستقرار.
أنا لا أستجدي الشفقة إنما أحاول الفهم لماذا تحصل معنا كل هذه الأمور؟! هو يعمل ويعمل دون كلل لكن لا نتيجة.
جميع من حولنا -ما شاء الله- استطاعوا الاستقرار، أنا لا أمد عيني إلى أرزاقهم، لكن أستغرب من ظروفنا لا أكثر، أبسط الأمور لا نستطيع تحقيقها، أقول هل السبب عدم توفيق أم حسد أم أن هناك من قام بسحر لتعسير أمورنا؟!
نحن بفضل الله نصلي ونقرأ القرآن، ونحاول جاهدين طاعة الله ما استطعنا، ماذا نفعل؟
أمي دائمة الضغط علي للعودة إليها على أمل أن يحسن ظروفه قليلا لكن الطريق مغلق والعودة شبه مستحيلة، وأنا لا أستطيع الانفصال عنه، وهو لم يذنب بحقي، بل يعاملني أفضل المعاملة.
أعاود التفكير وأقول هل من الممكن لأنه جيد معي أن يقتصر رزقنا على المودة فقط دون إنجاب ودون إكمال دراسة ودون رزق مادي؟ ماذا نفعل؟ ولكم جزيل الشكر، والحمد لله رب العالمين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونؤكد لك أن الأسرار محفوظة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب الأمان والطمأنينة لأهلنا في الشام، وأن يردكم إلى الديار آمنين سالمين، هو ولي ذلك والقادر عليه.
قد أسعدتنا هذه التجربة رغم ما فيها من مرارة، نسأل الله أن يعينكم على الاستمرار على طاعته، والرضا بقضائه وقدره، فمن سعادة المؤمن أن يكون إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، و(عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
قد أحسنت فإن المودة بين الزوجين رزق من الله تبارك وتعالى، وهو من أطيب وأحسن أنواع الرزق، والنبي صلى الله عليه وسلم قال عن خديجة: (رزقت حبها)، والله هو الذي يؤلف بين القلوب، وقال لنبيه: {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}، فاحمدي الله على هذا الود وعلى هذا الحب الذي بينك وبين زوجك، واجعلوا من شكركم له في هذا الميدان بابا إلى المزيد، فإن ربنا وعدنا إذا شكرنا بالمزيد، {وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم}.
أرجو أن تستمروا في العمل، وتجتهدوا في طلب الولد، ولا تهتموا ولا تغتموا، واعلموا أن الطفل سيأتي برزقه، وأن لكل أجل كتاب، فاستمروا في السعي دون ضجر، وابذلوا ما عليكم، واجتهدوا في تغيير مواقع العمل وأماكنه، وحافظوا على أذكار الصباح والمساء، واقرؤوا الرقية الشرعية على أنفسكم، ولا مانع من الذهاب إلى راقي شرعي، فإن هذا باب أيضا ينبغي للإنسان أن يطرقه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوسع أرزاقكم.
أرجو ألا يكون هذا التأخر في الأرزاق سببا في توقف الطاعات، بل ينبغي أن تزيدوا لله طاعة، وتزدادوا من الله تبارك وتعالى قربا، فأنتم في خير كثير بصلاتكم ودعائكم وقرآنكم وبهذا الوفاق.
أما الوالدة فطيبي خاطرها، وأحسني لها الاعتذار، وليس من الضروري أن تشركيها في الآلام، أشركيها في جوانب السعادة، فهي بعيدة عنك، ولا تستطيع أن تفعل لك شيئا، وأنت لا تستطيعين الذهاب إليها، فليس من المصلحة أن تخبريها بالأحزان، ولكن بيني لها ما أنتم فيه من حب وود وخير، ومن تفهم لهذا الزوج للوضع، ومن تفهم منك أيضا، أنه فعلا لا ذنب له، فالإنسان عليه أن يسعى والرزاق هو الله تبارك وتعالى.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، والرزق الواسع، والهداية، وبارك الله فيكم.