القلق وعدم الشعور بالسعادة يفسد علي حياتي، فما العلاج؟

0 15

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من القلق وعدم الشعور بالسعادة تقريبا منذ ثلاثة أشهر، لكن هذا الشعور يمكن تحمله إلى أن ذهبت إلى الجامعة التي كانت بعيدة عن المنزل، فلذلك أخذت سكنا خارجيا مع أصدقائي، لكن في أول أسبوع في الجامعة أصابني قلق شديد جدا، حيث جعلني أشعر بآلام في الجسم خصوصا المعدة، مع كثرة النوم، وانعدام الشهية تماما، واستمر هذا القلق وأعراضه الشديدة إلى الأسبوع الثاني، -والحمدلله- أن الأعراض خفت كثيرا عن ذي قبل، لكن لازلت أعاني من القلق الذي يجعلني أفكر في كل شيء خصوصا عن الجامعة وأي شيء يتعلق بها، وأيضا عن اطمئنان أهلي عني، فعندما يسأل أهلي عني أصاب بالقلق.

علما بأنني أصبت قبل سنة برهاب اجتماعي، وأخذت دواء سيراوكسات لمدة سنة كاملة، حيث -الحمدلله- ساعدني كثيرا على التخلص من الرهاب، علما أني أستخدم الدواء إلى الآن، وأيضا كنت مدمنا على الأفلام الإباحية لمدة ثلاث سنوات، والآن قطعت هذه العادة قبل شهر ولا أفكر أبدا بالرجوع لها.

والآن أستعين بكم بعد الله للحصول على العلاج المناسب للقلق؛ لأني تعبت منه وأريد أن أرجع إلى حياتي الطبيعية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Osama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والسعادة.

والسعادة –أيها الابن الفاضل– تصنع، السعادة لا تأتي لوحدها، السعادة تصنع من خلال تقوى الله، ومن خلال أن يكون الإنسان إيجابيا ونافعا لنفسه ولغيره، ودائما يكون الإنسان ساعيا لأن يكون يدا عليا، ويبدأ بمن يعول، وأن يكون الإنسان على درجة من النقاء والطهر، لا مجال أبدا لشخص يتعاطى مع الأفلام الإباحية والعادة السرية (السيئة) أو المواد الخلاعية، أن يكون سعيدا أبدا.

ما يحدث انتشاء لحظي هو شعور كاذب ومدمر في ذات الوقت. أنا لا أريد أن أقسو عليك – أيها الابن الفاضل الكريم – أنا أراك فيك خيرا كثيرا، ودليل هذا الخير هو تواصلك معنا لتعرض علينا هذه المشكلة وأنك غير راض عن ذلك، لكن وددت أن أرسل لك الرسائل الإرشادية الأبوية المهمة بالنسبة لحالتك.

أيها الفاضل الكريم: الله تعالى حباك بطاقات عظيمة، ألا تضيع وقتك فيما لا ينفع، كن من أفضل الطلاب في الجامعة، بل أفضل طالب، هذا ليس مستحيلا، بشيء من تنظيم الوقت، وأهم نقطة في تنظيم الوقت هي تجنب السهر، وأن ينام الإنسان مبكرا، تستيقظ مبكرا وتؤدي صلاة الفجر وأنت مقدم على الحياة بكل أريحيتها وجمالها وقبولها، وما أجمل البكور، فيه خير كثير، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) وقال: (بورك لأمتي في بكورها)، أثبت الآن أن كل المواد الإيجابية الدماغية تفرز ما بين الساعة الرابعة صباحا إلى السابعة صباحا، فهذا وقت يمكن أن تستفيد منه، أن تذاكر فيه، أن تقوم بإحماءات رياضية ثم تذهب إلى مرفقك الجامعي، والذي يبدأ يومه بداية صحيحة وفاعلة ومنتجة قطعا سوف يجد أن بقية اليوم قد أصبح سلسا وجميلا وسهلا. هذه الأشياء مهمة جدا.

أعراض الرهاب وخلافه يجب أن يتم تجاهلها، وتحقيرها، ويجب أن تسعى دائما أن تكون في الصفوف الأمامية في أي نشاط اجتماعي: الأفراح، الأعراس، زيارة الأهل، زيارة المرضى، تقديم واجبات العزاء، الترفيه عن النفس، رياضة جماعية، الصلاة مع الجماعة في المسجد ... هذه كلها آفاق عظيمة وجميلة وطيبة.

لا أعتقد أن أي إنسان يمارس هذه الممارسات الحياتية الإيجابية سوف يحس بنوع من الرهاب أو التوترات الزائفة، لأن الخوف هو أصلا طاقة مطلوبة، وكذلك القلق، وحين نوظف هذه الطاقات من خلال نمط الحياة الطيب والإيجابي قطعا سوف نحول القلق والمخاوف – وغيرها من الطاقات النفسية – من طاقات سلبية إلى طاقات إيجابية منتجة ومفيدة.

هذه نصيحتي لك، وبالنسبة لعدم شعورك بالسعادة في الأيام الأولى من الدراسة الجامعية، وأنك ذهبت بعيدا عن المنزل: هذا نسميه بـ (عدم القدرة على التكيف) وهي ظاهرة معروفة، وهي لا تبقى كثيرا، وأتصور أنك الآن من المفترض أن تكون قد توائمت وتفاعلت تفاعلا إيجابيا.

الـ (زيروكسات) دواء جيد، يمكن أن تستمر عليه، لكن الجرعة يجب ألا تتعدى عشرين مليجراما في حالتك، تناوله لستة أشهر أخرى، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء. وأهم شيء أن تجتهد في نفسك من أجل التطوير السلوكي الصحيح على الأسس التي ذكرتها لك، لأن هذا أنفع، وأفضل، وأدوم إن شاء الله تعالى، أفضل لك كثيرا من الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات