السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة طب في السنة الرابعة، لدي فوبيا من الدم والإبر، حيث عندما أجري تحاليل يصفر وجهي، وأشعر بدوار يستمر لمدة 10 دقائق إلى ربع ساعة تقريبا، وعندما يتحدث أحد عن الإبر، أو عندما أشهد سحب الدم، أشعر بضيق تنفس وطنين في الأذنين، وتعرق، واضطراب في كامل الجسم.
أحاول التغلب على ذلك، ولكني أفشل، آخر مرة ذهبت مع صديقتي لتجري تحاليل، وبقيت بعيدة عنها أثناء سحب الدم، وشغلت نفسي حتى لا يحدث لي شيء، ولكن تكررت الأعراض معي، وشعرت بهبوط الضغط، وهذه الفوبيا تشكل لي مشكلة كبيرة خصوصا وأنا طالبة طب.
ربما لست مناسبة لهذا المجال، فأنا أخاف من هذه الأشياء، زملائي يشاهدون الدم والإبر ولا يتأثرون، لا أدري ما الحل؟ بطبيعتي أنا إنسانة قلقة وأفكر كثيرا، الأمر أصبح يشكل لدي عقدة نفسية، أحس بالخجل من نفسي عندما تأتيني الحالة أمام زملائي، أرجو أن أتخلص من هذه المشكلة بأسرع وقت وأتغلب عليها.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أنا أجبت على استشارة خاصة بك قبل أربعة أشهر تقريبا، ورقم تلك الاستشارة هو: (2470499) أتمنى أن تكوني قد طبقت ما ذكرته لك من إرشاد.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت لديك مخاوف معروفة جدا، وهي مخاوف بسيطة، فلا تستغرقي حول هذا الموضوع، فالمخاوف مخاوف مكتسبة، وغالبا هي ناتجة من تجربة سابقة سلبية، فربما تكوني قد سمعت شيئا سلبيا عن الدم، أو عن الإبر، أو حدث لأحد حادث أمامك، أو شيء من هذا القبيل، وهذا قد يكون ويعتبر مقبولا.
فإذا هي تجربة مكتسبة، تجربة سلبية، والشيء المكتسب يمكن أن يفقد من خلال التعليم المضاد له. فإذا هذه تجربة مكتسبة والتخلص منها سهل جدا إذا تجنبت التجنب، ويجب أن تعتمدي على المواجهة، والمواجهة تكون في الخيال أولا، ثم تكون عمليا وتطبيقيا، وأفضل أنواع المواجهة العلاجية المفيدة هي المواجهة المتدرجة.
المواجهة في الخيال تتطلب منك أن تجلسي في هدوء شديد جدا، وتتصوري نفسك أنك تقومين بإجراء عملية، وأن الدم موجود في كل مكان، وكيف أنك قد تغلبت على هذا الوضع، وتمت السيطرة. هذا نوع التعريض، نسميه بالتعريض في الخيال، وهو مفيد جدا. بالنسبة للإبر كذلك تصوري أنك قد قمت بتطوير إبرة معينة أفادت كثيرا في علاج الناس وسحب الدم وإعطاء المحاليل. هذا الخيال يجب أن يكون خيالا عميقا وجيدا. إذا التعريض، التعريض في الخيال.
ثم بعد ذلك تأتي للتعريض العملي، بعد أن تتأكدي من مكونات الدم علميا قومي مثلا برسم الخلايا البيضاء، ثم بعد ذلك الخلايا الحمراء، ثم الصفائح الدموية، وتصوريها، ما هي مكوناتها، كيف أنها مرتبطة ببعضها البعض. وبعد ذلك انظري لهذا الدم أنه شيء عظيم، هو الذي ينقل الأكسجين، وهو الذي يجعل الحياة تستمر، واذهبي إلى بنك الدم كخطوة عملية، وشاهدي كيفية أن الناس تتبرع بالدم، هذا العمل الجليل، هذا العمل الكريم، هذا العمل المفيد، وانظري إلى الدم، وكيف أن الناس تتبرع. هذا تعريض وتعريض ممتاز جدا، وتعريض أساسي.
وبعد ذلك امسكي مثلا الإبرة عمليا، وضعيها مثلا على يدك كأنك تسحبين الدم من مريض آخر. المهم: أتمنى أن تكون الفكرة قد وصلتك، التعريض، التعريض، التعريض. هذا هو العلاج، وهو علاج أساسي، وطبعا لا يمكن للإنسان أن ينجح من جلسة واحدة، هذا يتطلب جلسات متواصلة، ويجب أن تتجنبي التجنب، وتحرصي على التعريض.
كوني دائما في الصف الأول وسط زملائك وزميلاتك في كلية الطب، حين مثلا يعطى للمريض الدم، أو يعطى محاليل، كوني قريبة جدا من المريض، قريبة جدا من الممرضات. هذه هي طرق العلاج وليس هنالك أي طرق أخرى.
ويجب أن تحقري فكرة الخوف، وإن أردت أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، مثل السيبرالكس مثلا، سيكون جميلا جدا. السيبرالكس يسمى علميا (اسيتالوبرام)، وهو دواء مضاد للمخاوف لكل أنواعها، وسوف يقلل كثيرا من مستوى القلق والمخاوف التي لديك. إن أردت أن تتناوليه فابدئي بجرعة صغيرة، وهي نصف حبة – أي خمسة مليجرامات من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تناولي هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميا (عشرة مليجرامات) لمدة ثلاثة أشهر، وهذه جرعة صغيرة، والمدة قصيرة، لكنها مفيدة. بعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرامات يوميا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرامات يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.