السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله بكم وبجهودكم وجعله الله في ميزان حسناتكم، تحية طيبة:
ردودكم الطيبة هي التي شجعتني على كتابة مشكلتي، أتمنى أن يسع صدركم هذه الاستشارة، أنا شاب عمري 23 عاما، عانيت العام الماضي من نوبات الهلع -والحمد لله- شفيت منها، ولكن بقي آثار منها على شكل قلق مرضي ومخاوف وتفكير كارثي، إذ أتخلص من وسواس مرض لأدخل في دوامة توهم مرض جديد!
ذهبت العام الماضي وعملت كل التحاليل خاصة القلب -والحمد لله- كلها سليمة، باستثناء نقص الفيتامينات، لكني الآن أعاني من توتر مفرط، دائما أشعر بالخطر وكأن شيئا سيئا سيحدث لي، دائما متوجس ومتيقظ، أعاني من الأرق، أنام ساعتين ثم أستيقظ، ولا أستطيع العودة إلى النوم إلا في النهار.
أعاني من تعب وخمول، ودوخة خفيفة عند الوقوف، ورغبة في النوم، وعند النوم أشعر بنغزات في الجهة اليسرى من الصدر وأخاف، مع العلم بأني أعاني من القولون والغازات، حياتي أصبحت سيئة بسبب الأعراض المسماة نفسوجسدية، فهل لها علاج؟ خصوصا أني أستيقظ من النوم بسببها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ saad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونرحب بك، وإن شاء الله تعالى مشكلتك بسيطة جدا بالمقاييس والمعايير الطب النفسي.
أنت عانيت من نوبات هلع العام الماضي، وتحسنت أحوالك، وشفيت بحول الله تعالى، وبقي الآن لديك قلق المخاوف، خاصة فيما يتعلق بالصحة، ولديك اضطرابات في النوم، وتحدثت أيضا عما نسميه بالقلق التوقعي التشاؤمي.
لا تنزعج لهذه المسميات – أيها الفاضل الكريم – فالأمر كله يتعلق بأنك تعاني من قلق نفسي عام، وقد تولد عن هذا القلق أعراض الهلع، ثم بعد ذلك ظهرت أعراض المخاوف، ثم القلق التوقعي، وكما تفضلت: شيء من الأعراض النفسوجسدية (شعور بالنغزات في الجهة اليسرى، والقولون العصابي). هذه كلها تندرج تحت القلق العام، أو يمكن أن نسميه بقلق المخاوف العام، وليس أكثر من ذلك.
العلاج – أيها الفاضل الكريم – بسيط جدا. أولا: يجب أن تقنع نفسك أنه من الضروري أن تبتعد تماما عن التنقل بين الأطباء، هذه مهمة وضرورية جدا. هذا لا يعني أننا نحرمكم من الرعاية الطبية الصحيحة، بل على العكس تماما نشجعك أن تقوم بالفحص والكشف الدوري، مثلا: كل أربعة أشهر، تذهب إلى طبيبك – طبيب الأسرة أو طبيب باطني – وتجري فحوصات عامة، تأكيدية، هكذا نسميها، وهي مفيدة جدا، وتقنع الإنسان بأنه في صحة جيدة.
الأمر الثاني هو: أن تعيش الحياة الصحية، والحياة الصحية تتطلب أن يكون الإنسان ملتزما بدينه، وأن تمارس الرياضة، وأن تحسن إدارة وقتك، وأن تتناول الغذاء السليم، وأن تتجنب السهر، وطبعا تجنب أيضا الإكثار من الشاي والقهوة أو تناول الكافيين بكثرة، أيضا هذا مطلوب، وبالنسبة للذين يدخنون طبعا التدخين يعتبر أمرا غير صحي تماما.
عليك أيضا بالقراءة وبالاطلاع، وذكرت لك حسن إدارة الوقت، وحسن إدارة الوقت يتطلب تجنب السهر، والاستيقاظ مبكرا، وأن يبدأ الإنسان يومه بصلاة الفجر، وأن تستفيد من فترة الصباح، لأنها فيها خير كثير، كل إفراز المواد الدماغية الإيجابية يحدث مع البكور، والإنسان الذي ينتج في فترة الصباح دائما تجد أن بقية اليوم سوف يروق له، ويكون في صحة نفسية ممتازة، ودافعية ممتازة جدا.
فأرجو أن يكون هذا هو منهجك. أريدك أيضا أن ترفه عن نفسك بما هو جميل وطيب. بر الوالدين والانتماء الحقيقي للأسرة، والمشاركة في استقرارها وتقدمها أيضا نعتبره سلوكا اجتماعيا نفسيا صحيا مطلوبا جدا.
يجب أن تتجنب النوم النهاري، هذا مهم جدا، في مثل عمرك لا يليق أبدا، وأنا أيضا سوف أصف لك أدوية بسيطة جدا، من أفضل الأدوية التي يمكن أن تتناولها عقار (سيبرالكس Cipralex) مع عقار (دوجماتيل Dogmatil)، وكلاهما من الأدوية السليمة، والجرعة التي تحتاجها صغيرة، ومدة العلاج قليلة.
السيبرالكس والذي يسمى علميا (اسيتالوبرام Escitalopram) تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناول هذه الجرعة البسيطة لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناوله.
أما الدوجماتيل والذي يسمى علميا (سولبيريد Sulpiride) فتبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.