السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب في سن ٢١، وأكثر ما أعاني منه هو الشعور بضيق في الصدر، وحزن شديد، وعند النظر إلى أسباب ذلك أجد أنها غير منطقية حتي بالنسبة لي، بدأ الأمر معي منذ سنتين حينما احترت في تخصصي الدراسي وأظن أن سبب حيرتي حينها هو حرصي علي اختيار التخصص الأفضل بينهم، مررت حينها بأشد حالة من القلق والضيق لدرجة أنني كنت أستيقظ من النوم مفزوعا وأشعر أن صدري قد ضاق بي جدا، لم أكن أستطيع الأكل أو الشرب وكنت أشعر باستوحاش شديد، ولا أنام إلا في وجود أحدهم لتقليل الشعور بالوحدة وإشغال أفكاري، ما سبب ذلك؟ وفي السنة السابقة أيضا جائتني حينما كنت على وشك بدء الدراسة.
أما في تلك السنة فقد كنت أبدأ تدريب قبل الدراسة ويستمر في الدراسة، ثم حينما بدأ بدأت معي تلك الحالة من الخوف من الفشل فيه، أصبت بحالة فزع وأردت الانسحاب منه، ورغم نصيحة من حولي بالاستمرار فيه وأنه لن يضرني حتي الفشل فيه، إلا أنني بالفعل انسحبت منه، شعرت حينها براحة عند الانسحاب تبعها حالة من الندم علي الفرصة الضائعة والمستمر هو ضيق الصدر الشديد.
سؤالي: ما هي أسباب وحلول تلك الحالة من العجز الفكري والهلع غير المبرر؟ على الرغم من اقتناعي بأنه غير مبرر ومعرفتي أن سبب العلاج الوحيد هو إقناع ذاتي بذلك إلا أنني لا أستطيع أن أعالجه، وهل تلك الحالة لها علاج دوائي يقلل وليس له أثار مثل أدوية الاكتئاب؛ لأن أساليب الإقناع لم تجد معي نفعا، وغالبا ما تنزاح تلك الغمة مع الوقت ولكن ذلك يكون على حساب صحتي البدنية والعقلية!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Barakat حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
الأعراض التي ذكرتها هي أعراض قلق نفسي، والقلق النفسي قد يأتي بصور متعددة، منها الأعراض التي حدثت لك، وأنا قد أجبت على استشارتك التي رقمها (2450133) وذلك بتاريخ 27/10/2020، وأوضحت لك بعض الآليات العلاجية التي أتمنى أن تكون قد طبقتها، ولك استشارات أخرى أيضا تمت الإجابة عليها.
كما ذكرت لك: القلق هو السبب في كل ما حدث لك، القلق كطاقة نفسية إيجابية مطلوبة، لأن القلق هو الذي يحفز الإنسان ويحسن الدافعية لديه، ويجعلنا نقدم على واجباتنا وأعمالنا وأفعالنا بطاقة إيجابية حتى ننجزها. ونحن نقول مجازا: (الذي لا يقلق لا ينجح) لكن هذا القلق قد يحتقن، قد يزداد، قد يسير في مسارات خاطئة، وهذا يكون سببه البناء النفسي للشخصية، والقلق السلبي قد يأتي منه الخوف والفزع والوسوسة، وبعض الناس يصابون بالهرع، والبعض يأتيه أيضا نوع من الاكتئاب البسيط الذي نسميه بـ (عسر المزاج).
والقلق كثيرا ما يكون مصحوبا بأعراض جسدية، مثلا الشعور بالضيق، أو الكتمة، أو الوخز في الصدر، أيضا كثيرا من الناس يشتكون من اضطرابات القولون، أو ما يسمى بـ (القولون العصبي)، ... وهكذا، وفي هذه الحالة تكون الأعراض نفسوجسدية، والحمد لله تعالى أنت ليست لديك كثير من هذه الأعراض النفسوجسدية.
أيها الفاضل الكريم: العلاج بسيط جدا، يتطلب منك نمط حياة منظم وإيجابي: تحرص على النوم الليلي المبكر، تتجنب السهر، تمارس رياضة، ومن أفضل الرياضات (رياضة المشي، الجري، كرة القدم، السباحة)، هذه كلها مفيدة لمثل حالتك. وحاول دائما أن تستفيد أيضا من فترة الصباح، الفترة التي ما بعد صلاة الفجر بالنسبة للإنسان الذي ينام مبكرا هي فترة متميزة، يكون فيها النشاط جيد، يكون فيها الإقدام والدافعية في أفضل حالاتها، يكون فيها التركيز ممتازا جدا. مثلا الإنسان يمكن أن يذاكر دروسه قبل أن يذهب لمدرسته أو جامعته، ويمكن أن يقوم الإنسان بعمل بعض التمارين الإحمائية... وهكذا.
فالإنسان إذا بدأ صباحه هذه البدايات الإيجابية يتحول القلق السلبي إلى قلق إيجابي، وأعتقد أنك محتاج لهذا النمط من الحياة.
تمارين الاسترخاء أيضا مهمة جدا، الضيق في الصدر والكتمة في الصدر تعالج من خلال تطبيق تمارين الشهيق والزفير البطيئة والمتدرجة، أرجو أن تتدرب على هذه التمارين، ويمكنك أن تستعين بالبرامج الموجودة على اليوتيوب، فيها الكثير من التفاصيل الجيدة والممتازة والنافعة.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أي نعم يمكن أن تتناول أحد مضادات القلق البسيطة، هنالك عقار يسمى (سولبرايد) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (دوجماتيل)، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة أسبوعين، ثم اجعلها خمسين مليجراما صباحا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء. هو سليم جدا، وفاعل جدا، وغير إدماني، وأنت لا تحتاج له لمدة أطول من هذه المدة التي ذكرتها لك، لكن من الضروري أن تجعل نمط حياتك نمطا إيجابيا وفعالا، وتحول القلق من قلق سلبي إلى قلق إيجابي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.