السؤال
السلام عليكم.
أعاني من رهاب اجتماعي والحزن بسبب تحكم والدي في حياتي، أحتاج للمال ولا أسعى للعمل، عملت كتوصيل لطالبات الكلية والموظفات، لكن المدخول بالكاد يكفي لتعبئة البنزين، أصابني القلق، وقررت التوقف بسبب المدخول البسيط جدا، وزحمة الشوارع، ومع ذلك السبب الحقيقي في تركي لهذا العمل البسيط هو أني لا أريد العمل وحسب، لا أفكر في العمل مع حاجتي الشديد بسبب إحباطي من قبل والدي، فهو لا يريد منا سوى المال، لا أحد يزورنا إلا نادرا، بسبب تعجرف أبي وتكبره على الناس، ولا يدعوهم للعشاء أو للغداء أبدا، منعزلون اجتماعيا.
ما زلت أحن لشاب تقدم لي في سنة 2017، واليوم عمري 33 سنة ولم أتزوج، ندمت على رفضي لهذا الشاب، وهو قد تزوج وعاش حياته، أما أنا لم أوفق في شيء.
أواجه أبي يوميا مع المشاكل التي يفعلها معي أو أمي، بالإضافة لتسلط أخي فهو يشبه أبي كثيرا، كيف أستطيع أن أخرج من هذا الوضع وأحصل على وظيفة؟ كيف أتجاوز حزني، عائلتي متشتتة، ولا يسودها الحب أو الأمان والاحترام؟ كيف أتجاوز اللوم أني رفضت شابا بسبب خوفي وترددي، وما زلت أفكر به، وهو قد تزوج؟ هل من الخطأ أني لا أفكر في العمل، ولا أريد إلا الزواج والاستقرار والإحساس بالأمان؟ لا أشعر بالثقة أو الراحة في ظل وجود أبي وأخي، ولا يوجد لدي حل حتى أبتعد عنهما، أريد الزواج، ولكني لا أشعر أني أستحق.
شعوري في البحث عن عمل لا أحس بقيمتي أبدا، أكون صريحة أكثر، أنا طموحة، لكن يسودني القلق والترقب والخوف من أهلي بسبب عنفهم اللفظي والجسدي، لا أفكر إلا بالأمان مع رجل يخاف الله، ويدعمني في هذه الحياة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مزون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يجلب لك الطمأنينة والآمال.
أرجو ألا تتركي العمل، لأن في العمل فرصة كبيرة يرفه الإنسان عن نفسه، كما أن في العمل فرصة لأن تلتقي بمن قد يكتب الله تبارك وتعالى لك وله الاستمرار في حياة زوجية هانئة.
وأرجو ألا تعاقبي نفسك بتصرفات الوالد أو ذاك الأخ الشقيق الذي يشبه الوالد، فإن هذه المواقف ما ينبغي أن نضر بها أنفسنا أو نجلد بها ذاتنا، ولذلك أرجو أن تكوني إيجابية في بحثك عن العمل، وفي رضاك عن العمل القليل، وتبحثي أثناء ذلك عن عمل أفضل وأحسن.
كما أرجو ألا تحاولي الرجوع إلى الوراء، فإن البكاء على اللبن المسكوب لا يرده، وهذا الشاب الذي رفضته الله تبارك وتعالى لم يقدره، وسيأتيك الخير. ولذلك الإنسان ما ينبغي أن يتأسى على أمر قد مضى، فإن هذا مدخل من مداخل الشيطان، وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، فما ينبغي أن يقول (لو كان كذا كان كذا) ولكن كما قال النبي: (ولكن يقول: قدر/قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فانظري للمستقبل وللحياة بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد.
واعلمي أن كثير من البيوت - أو بعض البيوت - فيها التسلط من الآباء، والتسلط من الأمهات، والتسلط من الإخوان، ولكن الناس يتجاوزون ذلك، لأنه لا يخلو بيت من مشكلات، فلا تضخمي المشكلة، ولا تحقري ذاتك، وأنت ولله الحمد دخلت الحياة العملية، ومارست عمل صعب ونجحت فيه. أما كثرة المدخول أو الناتج فإن هذا من الله تبارك وتعالى، والإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يسعى في تحسين مستواه ببذل الأسباب والبحث عن أعمال جديدة.
على كل حال: نحن لا نؤيد ترك العمل، ولا نؤيد أيضا النظر إلى الوراء والندم على أمور قد مضت، ولا نرضى أيضا أن تعلقي ما عندك من قلق واضطراب على تصرف الوالد والأخ، فإن كلها مرحلة عمرية تنتهي، وقد يفترق الناس، سواء كان في الحياة أو بغيرها، بأن ينتقل بعض الناس إلى الله تبارك وتعالى، فلذلك الإنسان ينبغي أن ينظر للمستقبل بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد، بل هذه الصعوبات ينبغي أن تولد عندك تحديات بالإصرار على النجاح، فإن الإصرار على النجاح مع بذل أسبابه هذا ينبغي أن يكون هم المؤمن، فتعوذي بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ.
ولا تعاندي نفسك بترك العمل أو بممارسات تجلب لك مزيدا من القلق والاضطراب، ونسأل الله لنا ولك التوفيق، وأن يضع في طريقك الرجل الذي يخاف الله ويعينك على طاعة الله وتعينينه