السؤال
السلام عليكم
أنا موظفة منذ عدة سنوات، منذ أن بدأت بالعمل، وأنا أعطي أمي مبلغا من المال، إخواني أيضا يعملون لكن نادرا ما يعطون أمي المال؛ لأنهم يقولون إن أعطيناها لن تحتاج لأبي، وسيصبح بينهم فجوة، فهما بالأساس لا يتفاهمان بشكل جيد، لكن أبي لا يعطي أمي إلا القليل من المال في الوقت الذي يريده طيلة سنوات عمرهم، ولم تكن أمي أبدا تملك مالا تصرفه كما تريد هي.
أشعر بالذنب، قد أكون سببا في اتساع الفجوة بينهما.
ماذا أفعل، وكيف أتصرف؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شلير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا
أسعدنا حسن برك بوالديك، لا سيما أمك التي تخصصين لها جزءا من مصروفك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الرحمة التي جعلها الله في قلوب البنات على الوالدين.
ما يتعلق بالصرف على والدتك، صورته كالتالي:
المصروف الذي تحصل أمك عليه من والدك هو نفقة واجبة عليه، وعليه أن يتحمل مسؤوليته في إعطائها ما يكفيها ويسد احتياجاتها.
أما المصروف الذي تحصل عليه الوالدة من قبل أبنائها -بمن فيهم أنت- فهو نفقة غير واجبة، حيث لا يجب عليكم أن تنفقوا على والدتكم، إلا إذا عجز الأب عن الإنفاق، عندها يتحول الوجوب على الأبناء تجاه والديهم.
لكن هل هذا يعني أنه يجب أن تتوقفي عن إعطائها المصروف؟ الجواب: لا.
بل الأفضل أن تستمري في إعطائها المصروف الشهري، وهذا وإن كان من باب النفقة غير الواجبة، إلا أنه من باب النفقة المستحبة، ومن باب البر والإحسان وصلة الرحم، فإذا أضيف إلى ذلك كون الوالدة تحتاج لمصاريف، والوالد يقتر عليها، ولا يعطيها ما يكفيها، هنا تتأكد الحاجة لإعطائها من قبل أبنائها جميعا، وليس من قبلك فقط، لكن إن قصر إخوانك في ذلك، فلك أن تتقدمي وتكسبي هذا الفضل.
أما المبرر الذي يطرحه إخوانك بحصول فجوة بينها وبين الوالد إذا استغنت عنه، فهذا غير دقيق، فالأصل أن ما تأخذه من الوالد هو حق شرعي لها في النفقة، وليس منة أو إكراما من الوالد حتى تتذلل له أو تستجديه، وبالتالي الإبقاء على خلال الرد والتواصل بينهما.
هذا التكييف غير صحيح، لأنه مبني على تصور علاقة ظالمة، وما بني على باطل فهو باطل.
الصواب أن نفقة الوالدة من الوالد مال مستحق، وعليه أن يعطيها حقها، فإن قصر فيه فهو محاسب ومسؤول شرعا وقانونا، ومن حقها أن يعاملها بالمعروف (وعاشروهن بالمعروف) فحقوق الزوجية لا تقتصر على السكن والنفقة، بل تتعداها إلى الحقوق النفسية والمعاملة بالمعروف، فإذا أدى الوالد الذي عليه فالعلاقة ستظل قائمة وصحية بين الوالدين، وإن قصر فلا نعالج هذا القصور بأن نجعل الوالدة تحتاج إليه.
وبالتالي فلا داعي للشعور بالذنب من إعطائها من مصروفك، بل على العكس، ينبغي أن تشعري بالفخر والرجاء بالحصول على الثواب والعوض من الله تعالى.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.