أخاف من الشجار ومواجهة الناس، فما الحل؟

0 27

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من الخوف من مواجهة الناس، أخاف من النقاش الحاد والدخول في عراك، علما أني أكون في موقف دفاع عن النفس، وموقف حق، لكن خوفي وجبني يمنعاني، وقد مررت بمواقف تقلبت فيها حالتي، فعندما كنت صغيرا كنت جبانا جدا، يضربوني زملائي وأهرب وأخشى مواجهتهم، وعندما وصل عمري 12 سنة تقريبا تعرضت لمضايقة من طالب ضخم البنية أثناء الحصة، وهو أمر متكرر عموما، في تلك المرة انفجرت غضبا وتشجعت وقمت بضرب شخص أول مرة في حياتي، ومن بعدها تملكتني شجاعة لم تفارقني إلا في المرحلة المتوسطة.

فتعرضت لموقف شجار مع مجموعة طلاب، وكان عددهم يزيد عن خمسة طلاب، فواجهتهم بمفردي ولم أخشاهم، ولكن المشكلة عندما عدت للفصل قام أحد الطلاب -وكان زميلي- بالسخرية مني، وأني تعرضت للضرب، وللأسف تأثرت بكلامه، وهز من عزيمتي، فدخلت بعد فترة في شجارات دفاعا عن النفس، وكنت مع كل شجار تقل عزيمتي وشجاعتي تدريجيا، حتى وصلت لمرحلة الجبن، وتشاجرت مع شخص ولم أرد بضربة واحدة من شدة الخوف.

ومن ذلك الوقت إلى اليوم وقد مر على الموضوع ما يقارب 12 سنة، وأنا أشعر بخوف عند تلفظ أحدهم علي، أو محاولة التعدي علي وتهديدي، ربما من المحرج أن يخرج هذا الكلام من رجل، ولكني عانيت وأريد أن أدافع عن نفسي على الأقل، وأن أواجه مخاوفي وأزيلها نهائيا مهما كلفني الأمر.

وهذه أول مرة أتكلم فيها عن الموضوع، بعدما تركته في صدري سنوات، وشكرا لسعة صدوركم، والمعذرة إن أطلت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: الذي تعاني منه هو عبارة عن ظاهرة نفسية وليس مرضا نفسيا. فأنت تحدثت عن المشاجرات والمواجهات في أثناء الطفولة المتأخرة وسن اليفاعة، فمن الواضح أنك عشت شيئا من التنمر، حتى وإن كنت أنت المنتصر في هذه المشاجرات، فالتنمر موجود، فالمعتدي والضحية يتبادلان بالإستئساد (الأسد)، والهزيمة في ذات الوقت.

هذا المحيط الذي عشت فيه وهذه البيئة لم تكن بيئة صالحة حقيقة من حيث التواصل الاجتماعي الصحيح والرصين في مرحلة من مراحل التكوين النفسي المهمة. هذا قطعا ولد لديك الآن ما يمكن أن نسميه بقلق المخاوف الاجتماعي من الدرجة البسيطة.

أنت لم تذكر عمرك في هذه الرسالة، لكن أحسب أنك تخطيت سنوات المراهقة، والمطلوب منك - أيها الفاضل الكريم - أن تنسى كل هذا الماضي، وهذا ليس أمرا صعبا، والماضي يمكننا أن نتجاوزه من خلال: أن نعيش قوة الحاضر، الحاضر - أي الآن - دائما أقوى، ودائما أنفع، ودائما نستطيع أن نتحكم فيه، والماضي بإخفاقاته وإيجابياته ونجاحاته وفشله أمر قد انتهى تماما. هذا هو التوجه الفكري النفسي الصحيح، فالإنسان يجب ألا يعيش في ضعف الماضي، ولا يعيش في خوف المستقبل، المستقبل بيد الله تعالى، والإنسان يسعى ليعيش حاضره بشكل فعال وقوي، وهذا -إن شاء الله تعالى- ينعكس عليك مستقبلا بصورة إيجابية جدا، وفي ذات الوقت سوف تتلاشى جراحات الماضي والرواسب النفسية التي حدثت لك في تلك المرحلة.

إذا التغيير الفكري أمر مهم جدا. والأمر الثاني - أيها الفاضل الكريم -: لا تنظر إلى نفسك نظرات سلبية، أنت -الحمد لله- لا ينقصك شيئا، ولا تقوم بمقارنات سلبية بينك وبين الآخرين، أنت لست بأقل من أي أحد.

النقطة الثالثة - وهي مهمة جدا - هي: أن تلتفت نحو أسرتك، أن تكون شخصا فعالا في الأسرة، وأن تكون بارا بوالديك، وأن تأخذ المبادرات الإيجابية التي تساعد في استقرار الأسرة وتطورها، هذا سوف يزودك بجدار نفسي إيجابي جدا يجعلك لا تتخوف المواجهات أبدا.

وعليك أيضا بالصلاة مع الجماعة، لأن الصلاة مع الجماعة في المسجد تشعر الإنسان بالطمأنينة، وتزيل الخوف الاجتماعي.

ممارسة رياضة جماعية أيضا مطلوبة يا أخي، أي نوع من الرياضة الجيدة - رياضة السباحة، رياضة كرة القدم مع مجموعة من الأصدقاء - هذه حقيقة نراها مفيدة جدا للتنمية النفسية والبشرية الصحيحة.

أخي: دراسات كثيرة جدا أشارت إلى أن الذين انخرطوا في الأعمال التطوعية أو الأعمال الاجتماعية أو النشاطات الثقافية، والنشاطات الدعوية، هذه كلها - أخي الكريم - تؤدي إلى تطور الشخصية وتقوية الدفاعات النفسية، مما يجعل الإنسان قادرا على المواجهات. وعليك بمصاحبة الطيبين الصالحين.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات