كيف أتخلص من الوسواس القهري والاكتئاب؟

0 29

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من الوسواس القهري منذ صغري، وتبدلت الوساوس من نوع لآخر في كل مرحلة عمرية بين وساوس نظافة ووساوس دينية وعزلة عن الناس ووساوس جنسية رغم خجلي الشديد وانزعاجي من هذا الأمر بشدة.

دائما أكره التجمعات وأعوض عزلتي عن الناس بتخيل أشخاص مخلصة لي، رغم امتلاك أصدقاء ولكن دائما أحس أن لا أحد سيعاملني بنفس العطاء فأدخل في اكتئاب وتفكير زائد، والخصام على أهون الأمور والبكاء يوميا.

في العام الماضي كنت في الصف الثالث الثانوي ولكن بسبب الضغط والتوتر زادت الوساوس وراودتني أفكار الانتحار مرارا، ومنعني من ذلك إيماني بالله تعالى، تتابع بعدها نوبات هلع وكأن قلبي سيتوقف فذهبت للطبيب وتلقيت الفحوصات لم يكن هناك شيئ سوى نبضات القلب سريعة جدا.

لكثرة حساسيتي للأمور عندما أحزن أو أتلقى خبرا سيئا أشعر بألم في رجلي اليسرى، وصداع نصفي، وعندما ذهبت لطبيب مخ وأعصاب وصف لي اسيتالوبرام، ولكنني لم أستمر عليه، رغم أنه كان جيدا ولكن أحتاج إلى التركيز والنشاط من أجل مذاكرتي، فهل يؤثر سلبا عليهم؟ لم أدخل الاختبارات لخوفي، كانت الأيام تضيع في البكاء والهياج العصبي، منذ صغري وهناك رعشة بسيطة في يدي.

الآن أشعر بالحيرة وقلة الثقة بالنفس وأعاني من الكوابيس، وأي صوت بسيط بجانبي أحس أنه كائن حي سينقض علي كثعبان مثلا أو شيء مؤذي، أصبحت محاطة بالرعب في كل وقت، وزاد سوءا بتخلي مقربين مني لعدم دخولي الاختبار، وخذلانهم لي، فأصبحت في صدمة لأنني لتعلقي بهم، لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي لعدم توفر طبيب جيد في منطقتي.

ما هو علاج حالتي المناسب، والذي لا يؤثر على تركيزي ونشاطي؟ وكيف أتغلب على خوفي من دخول الاختبار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
الوساوس القهرية منتشرة، وهي تصيب جميع المراحل العمرية، وإن كانت تقل كثيرا عند الناس مع تقدم السن، والوساوس متنوعة المحتوى والكيفية والنمط، قد تتشابك مع بعضها البعض، وقد تكون وساوس منفردة، ومعظم محتويات الوساوس تتمركز حول الدين والطهارة، وكذلك الأمور الجنسية، والعنف.

أنت -الحمد لله- الآن في مرحلة من الاستبصار والمعرفة والإدراك تجعلك تتيقني من سخف هذه الوساوس، والشيء السخيف يجب أن يحقر، والتحقير والتجاهل وعدم الانتباه للوسواس، وألا نجعله الطبقة الأولى في تفكيرنا؛ هي الأسس العلاجية الرئيسية.

أريدك أن تطبقي بعض التطبيقات السلوكية البسيطة جدا:
قومي بما نسميه بالتحليل الوسواسي، وذلك يتكون من تحديد كل فكرة وسواسية وكتابتها في ورقة، وتبدئي بالفكرة الضعيفة والأقل شراسة، وتنتهي بالفكرة الشديدة أو المغلظة، ثم بعد ذلك تطبقي ثلاث تمارين على كل فكرة.

هذا العلاج السلوكي يتطلب جلسة في مكان هادئ، ومدة العلاج لا تقل عن نصف ساعة بأي حال من الأحوال، وإن كانت ساعة فهذا أفضل، ولو طبقه الإنسان مرتين في اليوم في خلال أسبوع إلى عشرة أيام سوف تختفي الوساوس، بشرط أن تكون هنالك الثقة في النفس واليقين والعزيمة والإصرار على التغيير.

التطبيق الأول أو التمرين الأول نسميه بتمرين (إيقاف الأفكار)، ومن خلال هذا التمرين تخاطبي الفكرة مخاطبة مباشرة، تقولي: (قف، قف، قف، أنت فكرة حقيرة، أنا لن أهتم بك، أنا لن أعريك أي اهتمام)، تكرري هذا الكلام بجدية لمدة دقيقتين.

ثم تطبقي التمرين الثاني على نفس الفكرة، وهو ما نسميه بتمرين (صرف الانتباه)، وفي هذا التمرين تتأملي قليلا في الفكرة الوسواسية، ثم تأتي بفكرة مخالفة تماما، فكرة تكون أكثر جمالا، أكثر روعة، وذات معنى، وذات فائدة، مثلا: تأملي في التنفس لديك، كيف أن الهواء يدخل عبر الرئتين، ثم يحمل في الدم، والأكسجين هو الذي يولد لدينا الطاقات، ثم قومي بعد التنفس لديك. هذا تمرين جميل جدا، ويمكن أن تأتي بأي فكرة أخرى.

أما التمرين الثالث فنسميه بتمرين (التنفير): عليك الإتيان بالفكرة، ثم بعد ذلك ربطها بفعل يكون مكروها للنفس، مثلا: قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحسين بالألم، هذا الألم وربطه بالفكرة الوسواسية سيضعفها. هذا التمرين يكرر عشرين مرة متتالية.

بعد أن تطبقي الثلاث تمارين على الفكرة الأولى تنتقلي للفكرة الثانية، وهكذا. هذا تمارين سلوكية ممتازة جدا.

بجانب هذه التمارين من الضروري أن تنظمي وقتك، أن تتجنبي السهر، أن تمارسي الرياضة، أن تمارسي تمارين الاسترخاء، هذا كله مهم جدا، أن تكوني قريبة من والديك، أن تكوني بارة بهما، أن تحرصي على الصلاة في وقتها.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فالـ (اسيتالوبرام) دواء ممتاز جدا، ابدئي بنصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات