القدرة على التواصل مع الآخرين وكيفية تحصيلها

0 475

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا دكتور، أنا راجي من لبنان (بيروت)، جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الذي تقومون به لخدمة الإسلام والمسلمين.

أنا يا دكتور كنت مع أهلي بالسعودية ورجعنا إلى لبنان منذ ستة أعوام، ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني من مشاكل في التواصل مع الآخرين، وإلى الآن لم يطرأ أي تحسن في حالتي.
أزيدكم علما بأن مشكلتي الأساسية هي أن الآخرين ينفرون مني لا أدري لماذا، قال لي بعض الأصدقاء: يجب أن توسع صدرك لتلقي المزاح من أصدقائك الآخرين، وفعلت كما أشاروا علي، ولكن وجدت نفسي أحيانا لا أستطيع الرد على مزاحهم فأكون في حالة صعبة أمامهم، وأنا غير قادر على تخليص نفسي من ذلك الموقف.
يا دكتور عندما أيضا أقابل شخصا ما وأنا أعرفه لا أستطيع التخاطب معه بالشكل الصحيح لا لأنني لا أجيد الخطابة بل أجيدها والحمد لله، ولكن لأنني لا أعرف أي موضوع أفتحه للنقاش سويا فأشعر بأن الشخص الذي أمامي قد مل مني!!

أشعر بهذا الشعور ويا له من شعور، لا أستطيع تمالك أعصابي، وبالتالي أصاب بحالة نفسية من الانطواء والعزلة لفترة وجيزة أعاود من بعدها الاصطدام بنفس المشكلة! أرجوكم يا دكتور أن ترشدوني ماذا علي أن أفعل؟

علما بأني أدرس بكلية الطب (السنة الثالثة)، هذا للعلم فقط يا دكتور، وأيضا هناك بالتأكيد حالة الخجل من الجنس الآخر الإناث، فأنا أيضا لا أجيد التخاطب مع زميلاتي بل أشعر بالخجل الشديد عندما نقف سويا بجانب بعضنا البعض في المستشفى أو في الكلية.

ملاحظة: أنا يا دكتور وحيد بالبيت، ما لي إلا أخت واحدة حفظها الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم‏
الأخ الفاضل/ راجي حفظه الله.‏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بما أن التغيرات قد بدأت عليك منذ ست سنوات، أي بعد حضورك إلى لبنان من السعودية، فلابد أن ‏‏يكون للزمان والمكان دور في ذلك.‏
لا نعرف بالضبط الحياة التي كنت تعيشها في السعودية، ولكن ربما تكون الفوارق الاجتماعية وطريقة ‏‏التواصل ما بين المجتمعات في السعودية والمجتمع اللبناني ربما يكون ذلك قد أثر عليك وانعكس على ‏‏الطريقة التي تتواصل بها مع الآخرين.‏

بالتأكيد أنت والحمد لله لست بمريض، وكل الذي تحتاجه هو أن تطور مهاراتك وتواصلك الاجتماعي، ‏‏وذلك يتأتى بالتدرج والصبر والإصرار على أنك لا تعاني من أي علة طبية نفسية كانت أو اجتماعية.‏

هنالك أنواع من التواصل المباشر، وهنالك أنواع من التواصل غير المباشر، وفي كلتا الحالتين ينتج عن ‏‏ذلك إن شاء الله زيادة المهارات الاجتماعية.‏

بالنسبة للتواصل المباشر فيجب أن تبدأ تواصلك بمن تعرف ومن تثق فيهم، وحين تكون ذاهبا إليهم ‏‏يمكنك أن تحضر بعض المواضيع التي سوف تطرحها معهم، مواضيع تخص الأسرة أو الأخبار العامة، أو ‏‏الأشياء الحياتية التي يتخاطب فيها الناس بصفة يومية.‏

دائما حاول أن تحضر موضوع أو موضوعين قبل أن تذهب للقاء الآخرين، وبعد ذلك يمكنك أن تسعى ‏‏لتوسيع دائرة معارفك، وحين تكون لوحدك بالمنزل عليك أن تتخيل أيضا أنك وسط مجموعة من الناس ‏‏فيهم من تعرف وفيهم من لا تعرف، وأنه لابد لك من التواصل معهم ومخاطبتهم، وهذا سوف يعطيك ‏‏شعور بالتعود وعدم مهابة الموقف، وفي ذلك بالتأكيد فائدة إيجابية كبيرة.‏

هنالك طرق غير مباشرة للتواصل وهي مفيدة جدا، ومنها ممارسة الرياضة الجماعية خاصة كرة القدم، ‏‏ومن خلالها سوف تتفاعل بصورة لا إرادية مع المجموعة التي تلعب معها، وهذا بالتأكيد سوف يطور من ‏‏تفاعلك معهم، كما أن حضور صلاة الجماعة أيضا يعتبر نوع من التفاعل الاجتماعي المباشر وغير ‏‏المباشر، وكذلك حضور حلقات التلاوة في المساجد يعتبر من الأشياء المدعمة والجيدة جدا.‏

عليك أيضا الإكثار من حضور الندوات والمحاضرات والنشاطات التي تجري في المنطقة التي تعيش فيها.‏

أنت والحمد لله طالب في السنة الثالثة بكلية الطب، ولا شك أن ذلك يعتبر إنجازا ممتازا، وهذا لابد أن ‏‏يعطيك الدافعية للتواصل مع الناس؛ حيث أنك إن شاء الله سوف تصبح طبيبا، والطبيب المطلوب منه ‏أن ‏يجيد الحوار مع الناس، وأن يكون مستمعا جيدا، وأن ينصح للآخرين.، وإن شاء الله سوف تتطور هذه ‏الأشياء بمرور الزمن، وعليك مرة أخرى الثقة بنفسك، فأنت والحمد لله لا ‏تعاني من أي نوع من الإعاقة ‏الاجتماعية، إنما هي حساسية زائدة، وربما هنالك أيضا نوع من قلة ‏التقدير لمقدرتك، فعليك أن تتفهم ‏أنك إن شاء الله إنسان قادر وتتمتع بمهارات كثيرة، فقط عليك أن تحركها وأن تطورها، وهذا يأتي ‏بتطبيق الإرشادات السابقة، وعليك أيضا أن تصبر؛ ‏حيث أن هذه الأمور تأتي بالزمن وسوف تتطور ‏بالتدريج إن شاء الله .‏

وبالله التوفيق.‏



مواد ذات صلة

الاستشارات