السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يجزيكم خيرا على ما تقدمونه.
سأختصر الموضوع، سبق وزرت أطباء باطنية، وغدد صماء..إلخ، وذهبت مؤخرا للطبيب النفسي، وأنا على العلاج والمتابعة منذ ٣ أشهر تقريبا، وتحسنت حالتي كثيرا، لكن ما يصيبني يجعلني في حيرة، ماذا أصابني، هل كله مرض نفسي بحت؟! دائما أشعر بألم في رأسي وثقل ومخاوف ومشاعر، لكن أحيانا تصيبني حالة من عدم الاستيعاب لدرجة أن الذي يشاهدني يحسب أن ملك الموت نزل علي.
أحيانا تأتيني الحالة وأنا مستيقظة، وأحيانا في النوم، كما تأتيني أعراض أخرى كألم في الصدر، وتنمل، وجفاف الحلق، ولا أشعر براحة إطلاقا في حياتي، إذا تحكمت بالمشاعر باغتتني الأعراض الجسدية، وأشعر أن خطبا ما لا أعرفه.
تم تشخيصي باضطراب الهلع واكتئاب، ولدي أيضا منذ الصغر الغدة النخامية متضخمة بعض الشيء.
عندما أشرح ما بي للطبيب النفسي لا يفهم ما أعانيه، لا يفهم حالة عدم الاستيعاب التي تأتيني، وأنا احترت بنفسي، أشعر أني هالكة.
الأدوية التي أستخدمها: سبرالكس حبتين ونصف وlorivan 1 نصف حبة يوميا، وفيتامين دال ١٠٠٠حبتين يوميا، مع العلم أني توقفت عن دواء الغدة النخامية بسبب مرضي النفسي..
سؤالي هنا: هل المرض النفسي يسبب كل ذلك؟ هل هو بتلك الصعوبة للتعايش معه؟ كلما حاولت التعايش تأتيني هذه الأعراض الجسدية وترجعني للصفر بأني سأجن وخوف وسأموت وغيرها من الأفكار السلبية، ما الحل؟ أريد حلا.
جزاكم الله خيرا يأست جدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
استشارتك السابقة معروفة لدي، وأتمنى أن تكوني قد أخذت بما ذكرناه لك من إرشاد.
بصفة عامة الأمراض تنتج من تفاعل العوامل المهيئة مع العوامل المرسبة، بمعنى أن الإنسان قد تكون له قابلية، لديه استعداد، مثلا القلق، التوتر، بعض الناس لديهم استعداد لها، نسبة لتركيبتهم الجينية ولمورثاتهم، وهذه حين تأتي الظروف الحياتية – مثلا أي ضغوط نفسية حتى وإن كانت بسيطة – هذا يؤدي إلى ظهور الأعراض، ولذا تجد بعض الناس لديهم مقاومة كبيرة جدا لأنه ليس لديهم أصلا الاستعداد للانفعالات السلبية.
فهذا التفاوت ما بين الناس هو الذي يحدد مسار ونوعية ومآلات الأعراض النفسية.
أنا أؤكد لك أن أعراضك نفسية ولا شك في ذلك، والأعراض النفسية – كالقلق على وجه الخصوص – ينتج عنه ما نسميه بالأعراض النفسوجسدية، التوتر النفسي يؤدي إلى توترات عضلية، وهذا قد يظهر في صور كثيرة، والنوع الذي ذكرته – أي الأعراض الجسدية – مآلها القلق.
العلاج الدوائي جيد جدا، السيبرالكس دواء ممتاز، وأنت ذكرت أنك تتناولين حبتين ونصف، هذا يعني خمسة وعشرين على الأقل، إذا كنت تتحدثين عن الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، أنا أعتقد جرعة عشرين مليجراما كافية جدا، ويجب ألا يتخطاها الإنسان.
أما عقار (lorivan) وهو الـ (لورازيبام) فقد يؤدي إلى التعود والإدمان، وأنا لا أنصح به أبدا.
فيتامين (د) تناوليه بالجرعة التي وصفها لك الطبيب، ولكن لا بد أن تقيسي مستواه في الدم بعد شهرين مثلا من بداية تناوله. وحسب مستوى الفحص ومستوى تركيز فيتامين (د) في الدم، بعد ذلك اتخذي القرار هل تواصلين العلاج أم لا.
بالنسبة لعلاج الغدة النخامية: لا بد أن تتناوليه، هذا علاج تعويضي، ولا توجد أي وسيلة أخرى حقيقة للعلاج غير أن تتناولي الدواء.
الأعراض النفسوجسدية مثل النوع الذي تعانين منه يتطلب نمط حياة إيجابي، يتطلب ممارسة الرياضة، حسن ترتيب الوقت وتنظيمه، التفاعلات الأسرية الإيجابية، هذه كلها مطلوبة، والإنسان تكون له أهداف في الحياة، أن تمارسي تمارين الاسترخاء، القراءة، الاطلاع، الصلوات في وقتها، والحرص على جميع العبادات ...هذه كلها تؤدي إلى نمط حياة إيجابي، ونمط الحياة الإيجابي ينتج عنه أن تتحول مسارات القلق السلبية إلى مسارات إيجابية، وهذا حقيقة يؤدي إلى تطور كبير في الصحة النفسية.
فإذا الدواء لوحده لا يفيد كثيرا، ولابد أن يدعم بالآليات العلاجية النفسية السلوكية، وكذلك الإسلامية والاجتماعية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.