السؤال
السلام عليكم
أولا: أنا أدرس في السنة الثانية بكالوريا، رسبت السنة السابقة في البكالوريا، ونفسيتي تأزمت كثيرا حتى أنني لم أعرف الأخطاء التي جعلتني أرسب، والبنات الذين كن يدرسن معي كلهن نجحن إلا أنا.
عندما سمعت خبر سقوطي بكيت كثيرا لدرجة أنني كل يوم أفكر بالموت، أو الانتحار، كرهت نفسي وفقدت ثقتي بها، وصدمت كثيرا بذلك الخبر، وأنا الآن أعيد السنة الثانية بكالوريا، لكني كلما مسكت الكتاب حاولت أن أراجع درسا في مادة ما.
أشعر بملل وأعصاب شديدة، وبعدها أترك الكتاب وأراجع ساعة أو ساعتين في الأسبوع، ولا أقدر أن أدرس أكثر من هذا الوقت؛ لأنني أشعر بقلق شديد، أعاني كثيرا من التفكير الزائد لدرجة أنني في الليل أصاب بشلل النوم، أي ما يسمى (بوغطاط) بمعنى عدم القدرة على الكلام أو تحريك الجسم إلا بعد مدة! منذ صغري يأتيني شلل النوم وإلى الآن، وعندما أكون في المؤسسة وأدخل القسم أظل صامتة لا أتكلم، وغالبا ما أجلس وحدي في المقعد، وليس لدي صديقات والدروس تتراكم علي، وكل يوم أقوم بتأجيل دراسة المواد إلى أن يقترب الامتحان، وأراجع وعندما أكون في الشارع وأتمشى وحدي أشعر بخوف شديد.
أنا أرى نفسي إنسانة فاشلة ولن تحقق أي شيء في حياتها، أعترف أنني ضعيفة، أنا لست قوية، ولست شجاعة، لكن لا أعلم لماذا يوميا أشعر بقلق شديد وعدم القدرة على التركيز والانتباه.
تفكيري مشوش كثيرا بأشياء لا معنى لها، للعلم أنا من أسرة فقيرة ولباسي جدا عادي، أرى دائما أن البنات والأولاد الذين يدرسون معي سينجحون في دراستهم إلا أنا.
ساعدوني لإيجاد حل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غريبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونسأل الله أن يعينك على النجاح والفلاح، وندعوك إلى أن تبدئي بإصلاح ما بينك وبين الله، واسألي الله التوفيق والسداد.
أرجو أن تعلمي أن الفتاة التي استطاعت أن تصل مرحلة البكالوريوس وانتهت من السنة الأولى، كل ذلك دليل على أنها تفهم وتستوعب، وهي قادرة على النجاح، فلا تحتقري ما عندك من القدرات، واكتشفي نقاط القوة عندك، واشكري الوهاب لتنالي بشكرك لربك المزيد، وأرجو ألا تنظري إلى ما عند الآخرين، ولكن انظري إلى ما ميزك الله به من النعم، وحسني صورة نفسك في نفسك، ولا تجعلي هذه الثقة تهتز، لأننا نخطأ عندما ننظر للآخرين بإيجابية وننظر إلى أنفسنا بسلبية.
كما نتمنى ألا يكون في هذا الذي حصل في العام الماضي سبب للتكاسل، وتعوذي بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط – للمذاكرة وترتيب جداولها – والكسل نقص في التنفيذ، واجتهدي دائما في أن تكوني إلى جوار الجادات الحريصات، واعلمي أن الإنسان يتعرض في حياته لمواقف، ولكن هذه المواقف النبلاء العقلاء العباقرة يعتبرونها محطات مهمة، فلولا الرسوب لما عرفنا قيمة النجاح، ولولا المرض لما عرفنا وتذوقنا حلاوة العافية، فهي محطات تمر على كثير من الناس، وليس هاهنا الإشكال، فكل شيء في هذه الحياة قضاء وقدر، ولكن الإشكال أن نقف في مكاننا، وأن نلوم أنفسنا، وأن يقول الإنسان (لو كان كذا لكان كذا) فإن (لو) تفتح عمل الشيطان كما قال النبي عليه صلاة الله وسلامه.
فانظري وامضي إلى الأمام واستقبلي حياتك بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد، وإذا جاءك الشيطان يوسوس لك فتعوذي بالله من شره، واعلمي أن هم هذا العدو هو أن يحزن أهل الإيمان، ولكن الحمد لله كيد هذا العدو ضعيف، فاستعيني بالله، وتوكلي عليه، ونظمي جدول المذاكرة، ولا تؤجلي عمل اليوم إلى الغد، واطلبي مساعدة الوالدين والدعاء منهم، ولا تعزلي نفسك من الصالحات، واختاري منهن الحريصات الجادات في طلب العلم.
ونسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ربنا ويرضاه، واطردي ما يأتيك من القلق والاضطراب وشلل النوم بذكر الله تبارك وتعالى، وبالمحافظة على أذكار المساء والصباح والنوم، وقراءة الرقية الشرعية على نفسك، واعلمي أن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة بيت لا يدخله شيطان، فاستعيني بالله وتوكلي عليه، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بالاستمرار في طاعته واللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والنجاح والسداد.