السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على جهودكم العظيمة، ونسأل الله أن يبارك لكم في عملكم.
أنا فتاة عمري 22 سنة، أشعر بالحيرة والتشتت في تحديد أهدافي، فأنا أدرس بالجامعة وفي نفس الوقت مشتركة في برنامج لتعليم العلوم الشرعية عن بعد، ينتابني شعور بين الفينة والأخرى بأنه يجب أن أتجه باتجاه واحد في مساري التعليمي، وأن أصب جهودي في تأسيس نفسي دينيا، إلا أنني بحاجة إلى الدراسة الجامعية حتى أستطيع أن أواكب العصر من ناحية البحث عن عمل مستقبلا عند حاجتي إليه.
بالإضافة إلى أنه لدي عقدة من مسألة الزواج وتحمل المسؤولية من نواحي عدة، فأنا فتاة حساسة جدا، وهذا يسبب لي مشاكل كثيرة، أخاف ألا أجد من يحتويني أو يقدر مشاعري حينها، أريد أن أكتفي بذاتي من الناحية العاطفية، وأن لا أتعلق بالزواج، أو الزوج نفسه، أريد سبيلا للشعور بالاستقرار النفسي، حتى وإن وجدت من يحتويني فلا ضمان لبقائه هكذا طوال حياتي فماذا أفعل؟
وكيف أستطيع تأهيل نفسي لتحمل مسؤولية كهذه، زوج وأطفال وأهل؟ هل يجب أن أثقف نفسي من الآن، لأني أرى أنه لا وقت لدي بعدها لفعل ذلك، وفي نفس الوقت لا أريد أن أتعلق بهذا الموضوع، حتى لا أتشتت في طلب العلم والجامعة، وما هي الكتب أو المحاضرات التي ترشحونها لي كبداية؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة-، وشكرا على هذا السؤال الرائع، الذي نعتقد أنه ينطلق من منطلق إيجابي، سيدفعك إن شاء الله إلى مزيد من النجاح والتوفيق.
بداية نريد أن تستمري في دراستك الجامعية، بل وتتفوقي فيها، ولا تتركي الانتساب للمعهد والعلوم الشرعية، فإن تعلم العلوم الشرعية واجب على كل مسلم ومسلمة، الإنسان يتعلم ويصحح به دينه وعقيدته وعبادته.
إذا كان الطالب الجامعي متدينا، أو الطالبة الجامعية متدينة، فإنهما يتخرجان فينفعان نفسيهما، وتنتفع منهما الأمة، لأن الدين يدفع إلى المعالي، ويدفع إلى كل النجاحات.
أما بالنسبة لمهارات الحياة فينبغي أيضا أن تكون لها حظها ومكانها، والإنسان يتدرب على تحمل المسؤوليات بالمشاركة مع الأسرة والقيام ببعض الواجبات والمساعدة للأسرة وبعض المهارات الحياتية المهمة.
مهارات الثقافة المتعلقة بالعلاقة الزوجية: لا مانع أيضا من أن يكون لك حظ فيها، ولكن أعتقد أن تأجيلها حتى ينتهي التعليم الجامعي من الأهمية بمكان، ولا تظني أن في الأمر صعوبة، فأنت مفطورة على صفات أنثوية وناجحة في مهام أنثوية تعلمتها من خلال الحياة، من الجدة والوالدة والخالة والعمة ومن جميع النساء ممن يمارسن هذا الدور العظيم، هذا الدور الأساسي في الحياة.
وعليه نقترح عليك الآتي:
أولا: كثرة التوجه إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيا: إدراك أن الحياة رغم صعوبتها إلا أن فيها طعما ولها لون ولها رائحة، وأن المؤمنة التي تخالط صديقاتها وتخالط الأخريات وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر، فالمفروض هو أن يكون لك في هذا البرنامج تنوع، تأخذين من كل ربيع زهرة، فأنت في الجامعة -ولله الحمد- وتتفوقين، وأنت تدرسين العلوم الشرعية، وأنت تشاركين الوالدة في مهامها، وأنت تتواصلين مع الصديقات، وأنت من خلال هذا المجتمع تعرفين الأدوار الطبيعية التي تقوم بها المرأة تجاه أسرتها.
وأرجو أن تعلمي أن الدراسة الجامعية والمتابعة في الأمور الدينية هذا دليل على أنك ناجحة -بإذن الله- في تحمل المسؤوليات.
أما الحساسية الزائدة فأرجو ألا تأخذ أكبر من حجمها، واعلمي أن الناس جميعا عندهم جوانب ضعف وجوانب قوة، ومن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟! فاستمري فيما أنت عليه، واقتربي من والدتك، واكتسبي من خبراتها، واعلمي أن أمهاتنا والجدات نجحن، بعضهن لم تتعلم ولم يتح لها أي فرصة للتعليم، ومع ذلك كانت ناجحة في حياتها.
مسألة الكتب والمحاضرات وهذه الأشياء: أنا أقترح تأجيلها وأن تتواصلي مع موقعك في الوقت المناسب، أما الآن فتتفرغين للجامعة، ثم للمشروع الشرعي الذي تتثقفين فيه شرعيا، تتعلمين ما لا يسع المسلم جهله، ثم حاولي أن تتعلمي مهارات الحياة، من خلال المجتمع والبيئة التي أنت فيها، من خلال أسرتك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونؤكد أن المرأة لا يمكن أن تسعد إلا بالزواج، والرجل لا يمكن أن يسعد إلا بالزواج، لأن للرجال خلق الله النساء، ولهن خلق الرجال، فاستمري في هذا الدور، وهيئي نفسك نفسيا، ونسأل الله أن يعينك على الخير وعلى الجمع بين هذه الأمور والتوازن في حياتك، وشكرا لك على هذا السؤال.