السؤال
السلام عليكم.
منذ فترة تعرضت للكثير من الهموم، وعند أول هم كبير بالنسبة لي كان سببا لقربي من الله لفترة جيدة، ولكن بعد ذلك بدأت أبتعد قليلا، ولكن كنت مواظبا على الصلاة، وأصوم ولكن ليس مثل قبل بدون خشوع، ولا شعور بقرب الله.
وأحيانا أتقرب إلى الله بالنوافل، وأشعر بطعم القرب، ولكن أعاود فأبتعد قليلا، أفقد لذة القرب من الله (كر وفر)، أنا أعاني بسبب هذا البعد بمشاكل دراسية دنيوية أيا كانت ولا تنتهي، أشعر بأنني غير موفق، لا أقبل على شيء إلا ويهدم ما كنت أخطط له.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
لقد أصبت –أيها الحبيب– حين أدركت أن اللذة والسعادة في طاعة الله تعالى، فهذه حقيقة، أخبرنا عنها الله تعالى في كتابه الكريم، وأنت قد جربتها ورأيتها في واقع حياتك، فليس بعد ذلك مقال، فقد قال الله: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.
فانشراح الصدر وقرة العين وسكون النفس وهدوء البال؛ كل ذلك ثمرة من ثمار طاعة الله تعالى واجتناب معاصيه، وأنت لما سلكت هذا الطريق وصلت إلى هذه الثمار أو إلى شيء منها، ولكن الشيطان لك بالمرصاد يحاول بكل ما أوتي من أساليب ووسائل أن يصرفك ويصدك عن هذا الطريق، فإنه حريص على أن تقع في الحزن، كما قال الله عز وجل: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا}، فهو حريص على أن تكون حزينا لا سعيدا، حريص على أن تكون عاصيا لا طائعا، فلا تعطه الفرصة للالتفات إلى مكره وألاعيبه.
واعلم بأن طبيعة الإنسان التي خلقه الله تعالى عليها أنه يذنب وينسى، فما سمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلب إلا أنه يتقلب، و(كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون، فيغفر لهم)، فليست المشكلة في أن الواحد منا يقع في الذنب، المشكلة في الاستمرار والبقاء عليه، فيزل الإنسان ويقع في المعصية، وهذا لا يبرر لنا أن نتركب المعاصي والذنوب، ولكن نقول أن الإنسان قد يفعل ذلك وقد يقع في هذا، فلا ييأس ولا يقنط من رحمة الله، بل عليه أن يسارع إلى التوبة ويصلح حاله، وإذا استعان بالله تعالى على إصلاح أحواله فإن الله تعالى يعينه وييسر له ذلك.
فكلما وقعت في ذنب بادر بالتوبة، وإذا وجدت قسوة في قلبك وعدم شعور بالخشوع واللذة فلا تيأس، بل واصل سيرك إلى الله، وأدم قرعك لباب الله فإنه سيفتح لك.
وإذا حرمت شيئا من أمورك الدنيوية فقد يكون ذلك بسبب ذنوبك، فإذا تبت ورجعت إلى الله واستغفرت فأعطاك الله فذلك هو الخير الذي تؤمله وترجوه، وإذا لم يعطك الله تعالى فاعلم أن الله تعالى أرحم بك من نفسك، وأعلم بما يصلحك، فقد يعطيك سبحانه وتعالى لعلمه أن ذلك هو الذي يصلحك، وقد يحرمك ويمنعك لعلمه أيضا أنه الأصلح لك والأنفع، وقد قال في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فكن مطمئنا إلى حسن تدبير الله تعالى لأمورك، وارض بقضائه تكن أسعد الناس، ولكن لابد أن تأخذ بالأسباب، فتفعل ما شرعه الله تعالى لك من الأسباب، وتفوض الأمور إلى الله، فما يقدره الله تعالى بعد ذلك فهو الخير، لا شك ولا ريب في ذلك.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.