كيف أتخلص من حقدي على شخص؟

0 36

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شيخنا أرجو أن تساعدني على أن أتخلص من الحقد على شخص! وهي صديقة كنت أحبها كثيرا، وأرجو لها السعادة من كل قلبي، حتى بصلاتي كنت أدعو لها بأن تكون سعيدة، لكن الذي حصل أن هذا الشخص جرحني كثيرا، وكانت علاقتنا جيدة، فجأة تغيرت وجرحتني والسبب كان تافها جدا؛ لأني كنت أرسل لها رسائل كثيرة وأمزح معها، لكن والله كانت من باب المحبة، وكنت حتى إذا جرحتني أسامح، ودائما كنت أسعى أن نكون متصالحين، حتى أني أدخلت كثيرا من الناس بيننا لغرض الصلح، لكن هي أهانتني أمام الناس، أوجعني قلبي كثيرا، بعد كل الحب تحول لكره شديد وغضب بداخلي وحقدت عليها، وأقول الله يأخذ حقي منها، وأتحسب، وكلما أراها بخير يؤلمني قلبي، أقول لنفسي أنا كنت أدعو لها أن تكون بخير ولما صارت بخير تركتني ولم تسأل عني، ولم تعترف أنها آذتني، وأكملت طريقها وكأنها لم تفعل شيئا!

أريد حلا يا شيخ، كلما أراها سعيدة يوجعني قلبي وأبكي وأقول الله يأخذ حقي! أريد أن أتخلص من هذا الحقد بخطوات شرعية.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك بنتنا الفاضلة، وشكرا على هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يعيننا على سلامة الصدر، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

سعدنا جدا برغبتك في أن تتخلصي من الحسد الذي تحول إلى حقد، وتعوذي بالله من شيطان لا يريد لنا الخير، واعلمي أن الحسد صفة الشيطان، ولذلك طرد من رحمة الرحمن، وأن الحاسدة تتعب نفسها دون أن تصل للمحسود، كما قال معاوية: (ما رأيت في خصال الشر أعدل من الحسد، لأنه يهلك الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود).

ولذلك الحمد لله أنك شعرت بالخطر، فإذا وجدت نعمة تنزل على أختك أو على أي عبد من عباد الله تبارك وتعالى فاحمدي الله واشكريه، ثم اسألي الله من فضله، هكذا فعل زكريا عليه السلام لما وجد الخيرات عند مريم، قال: {يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب}، تمنى لها الخير، ثم توجه إلى من أعطى مريم وسأله أن يعطيه: {هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء}، فاحرصي دائما على هذا الأمر.

ثانيا: نوصيك بكثرة الدعاء لها والاستمرار في الدعاء لها، والإنسان عندما يدعو لإخوانه أو لأخواته بظهر الغيب فإن الملك يقول: (ولك بمثل)، فأنت رابحة في كل الأحوال، وهذه من الوسائل التي نطرد بها الحسد، أن ندعو لمن نحسدهم، ونتوجه إلى الله تبارك وتعالى من أجل أن يحفظهم، ثم نسأل الله أن يعطينا من فضله، ولا مانع حتى أن نقول (مثل الذي أعطيتهم)، ولا مانع من هذا، لأن الحسد هو تمني زوال النعمة، أما تمني مثيل النعمة فهي الغبطة، وهي مطلوبة.

كذلك أيضا أرجو أن تستمري في محاولات الإصلاح معها، وبادري بالسلام، واحرصي على أن ترسلي لها رسائل طيبة، تذكريها بتلك الأيام الجميلة، واحرصي دائما على ألا تذكريها إلا بالخير، فإن للحيطان أذانا، والناس يبلغون الكلام الذي يسمعونه على وجه الإفساد، إلا من رحم ربك، فانتبهي لما يصدر منك من الكلمات، وتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، وتمني الخير لأختك هذه ولغيرها من الأخوات.

ولا تحزني طويلا، فالصالحات أيضا كثر، فاحشري نفسك في زمرة الصالحات، وأشغلي نفسك لما خلقت لأجله، قال العظيم: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، والإنسان إذا شغل نفسه بالآخرين أتعب نفسه، وخسر دنياه وآخرته، وضيع حياته، وأهلك نفسه، والحسد مضر جدا بصحة الإنسان، طال عمر الأعرابي فسألوه: ما السبب في طول عمرك؟ قال: (تركي للحسد)، فبترك الحسد يسلم الجسد، وبترك الحسد نصون الحسنات التي اجتهدنا في تحصيلها.

نسأل الله أن يفقهك في الدين، وشكرا لك على هذا السؤال، وننصحك بأن تبدئي بخطوات عملية:

1. الدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإن قلبك وقلبها وقلوب الناس بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها.
2. الاستمرار كذلك في الدعاء لها.
3. الفرح بما يأتيها من نعم وسؤال الله تبارك وتعالى من فضله.
4. عدم التركيز على حالها، والاشتغال بحالك أنت.
5. الصبر على مقاومة هذا المرض.
6. مخالفة عدونا الشيطان الذي لا يريد لنا الخير.
7. من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

نسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات