السؤال
السلام عليكم
أرجو حل لمشكلتي أو الكارثة
أنا كنت مدمنا للعادة السرية منذ عمر الثالث عشر، أتوقف عنها كثيرا وأعود، ليست هنا المشكلة، لكن عندما وصلت للجامعة في السنوات الجامعية الأولى أصبح وجهي نحيفا بشكل رهيب، وعندما أصفه أنه نحيف؛ فهو فعلا نحيف بشكل رهيب، بمعنى أني لا أبالغ!
كنت في السنة الثالثة كالعادة كما في السنوات السابقة بدأت العام ولكن بوجهي الذي أصبح نحيفا جدا، أصبحت أواجه بنظرات الكره والاشمئزاز ونظرات الاستغراب في كل مكان في المصعد، على الدرج، في قاعة المحاضرات، لا أحد يحب الحديث معي، أتحدث مع أحدهم ينظر إلي باشمئزاز أو يمثل كأنه لم يرني، وحتى بالنسبة للمحاضرين والإداريين؛ فعندما أذهب للإدارة أواجه بنفس النظرات. في النهاية صبرت ثلاثة أشهر في الجامعة دون أن أكلم أحدا ولا أحد يكلمني، أجلس لوحدي أمشي لوحدي مع أن لدي مهارات اجتماعية عالية جدا في التواصل مع الغير.
الآن تركت الجامعة بعد شجار نشب مع مجموعة شباب كنت أجرب التواصل معهم بكل لطف إلى أن قام أحدهم بشتمي بسبب شكلي، لماذا هذا الكره والحقد علي؟ ماذا فعلت حتى ألقى هذه الكمية الهائلة من الشتائم بسبب وجهي؟ حتى الناس في الشارع كلما أتحدث مع أحد يرمقني بنظرات استغراب وفضول وكره من بعضهم، مع العلم أن هذه المشكلة لم تكن تواجهني في السنوات الأولى والثانية من الجامعة، كانت عندي شعبية وأصدقاء ولكن الهبوط الشديد في وزني بسبب إدمان العادة سبب نحافة ظاهرة في وجهي!
توقفت عنها لمدة 6 أشهر ووجهي لم يتغير كمدمني المخدرات! ماذا أفعل؟ لقد عجزت تماما، مع أن لدي حكمة ورجاحة في العقل، ما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك التواصل والاهتمام، ونشكر لك حسن العرض لهذه المشكلة، ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان ينبغي أن يجعل همه رضا الله وليس رضا الناس، فإن رضا الناس غاية لا تدرك، واحمد الله تبارك وتعالى الذي أعطاك مهارات عالية للتواصل، واستخدمها دون تردد، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
اعلم أن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر، وإذا كنت ولله الحمد قد عرفت أن المعصية هي السبب، فإن للمعصية ظلمة في الوجه، وبغضة في قلوب الخلق، وضيقا في الصدر، وتقتيرا في الرزق؛ فعليك أن تتوب إلى الله تبارك وتعالى توبة نصوحا، واستمر على توبتك، وأقبل على الله تبارك وتعالى، واحرص على الطاعات والذكر لرب الأرض والسماوات.
احرص أيضا على أن يكون لك حظ من قيام الليل، فإن الله ينور وجوه من يسجد له في جوف ليله ويقبل عليه سبحانه وتعالى. والرجل لا يبالي بمسألة الشكل، ولكن عليه أن يركز ويهتم على اكتساب الأخلاق الحسنة، لأن الأخلاق هي الصفة المستمرة، إذا كان الشكل هو الخلق الظاهر فإن الخلق هو الباطن، هو المعنويات، هو النفس الجميلة المطيعة لله تبارك وتعالى، والله العظيم لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسادنا ولا إلى أموالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، يريد منا الإخلاص وحسن النية، يريد منا الخلق الحسن، يريد منا حسن القصد وحسن العمل، وقد أحسن من قال:
جمال الوجه مع قبح النفوس ... كقنديل على قبر مجوسي
أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفد من وضاءته وجماله حين كفر بالله العظيم وعادى النبي الأمين عليه صلاة الله وسلامه.
لذلك أرجو أن تتغير عندك عناصر التقييم والتقويم للنفس. عليك بكثرة الدعاء، وعليك بالإقبال على الله تبارك وتعالى، لا تقف طويلا أمام الذين يحاولون الإساءة إليك، فإنهم يسيئون لأنفسهم، ويمنحوك من حسناتهم. اجتهد دائما في أن تتفوق أكاديميا، في أن تتفوق في مهارات الحياة، واعلم أن أبواب النجاح مفتوحة للجميع، والنجاح لا يطلب الناس لأشكالهم، وإنما يطلبهم باجتهادهم وتوكلهم على الله وبذلهم للأسباب.
أكرر: لا تتوقف عن التواصل مع الناس، حتى تجد من يستوعب ويحسن التواصل معك، وإذا كنت في السنوات الأولى جيدا فأنت إن شاء الله ستعود إلى صوابك متى ما توقفت عن المخالفة المذكورة وتبت إلى الله تبارك وتعالى توبة نصوحا.
لا مانع أيضا من أن تتواصل مع طبيب لتسترشد بتوجيهاته، طبيب تغذية، طبيب أمراض جلدية، المهم تمر على هؤلاء الأطباء حتى تجد منهم التوجيهات المفيدة، وكل هذا بعد أن تتوب إلى الله وتتوقف عن هذه الممارسة، واعلم أنك ستعود إلى طبيعتك، لكن قد يحتاج لبعض الوقت، فاستمر على توبتك واثبت عليها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونحن نشرف بك وبتواصلك مع الموقع، ونكرر الترحيب بك.