أتعاطف بشكل مبالغ فيه مع الحيوانات!

0 30

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من حالات اهتمام وتعاطف مع الحيوانات بشكل مبالغ، عندما أجد حيوانا مشردا أو مستضعفا، أعاني من حالة اكتئاب شديدة، وتعاطف مرضي يؤثر على يومي كله، مثل النوم والأكل والعلاقات مع الناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا

الاهتمام والتعاطف empathy صفة إنسانية محمودة، سواء كانت مع البشر أم مع الحيوانات، لكن إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، فالتعاطف الزائد قد يوقع صاحبه في المرض النفسي بسبب التعلق بالحيوانات.

كما أن المعاناة والصدمات التي يقع فيها ظلم على الشخص تجعل منه شخصا متعاطفا حيال المظلومين، سواء كانوا بشرا أم حيوانات أيضا.

الحل في مثل وضعك هو إعادة (تنظيم المشاعر emotions regulation ) ومن ذلك أن تبدأ أولا بتسمية مشاعرك التي تشعر بها إذا وجدت حيوانا مشردا، هل تشعر بالقلق، أم تشعر بالحزن، أم تشعر بالارتباك، حدد التسمية المناسبة لمشاعرك.

ثانيا: هل ما شعرت به سيكون مفيدا؟ وإلى أي حد يمكن أن تضع لنفسك مقياسا لدرجة الفائدة من 1-10 مثلا
ثم تنظر من سيستفيد من هذا الشعور؟ فلو كان الشعور هو القلق ونسبته 7/10 مثلا فمن المستفيد من القلق، ومن هو المتضرر؟

ستجد-غالبا- أن لا أحد سيستفيد، وحتى الحيوان الذي تعاطفت معه قد تكون الفائدة المرجوة قليلة أو مؤقتة، بينما لو أصابك القلق المرضي وأقعدك عن العمل سيقعدك أيضا حتى عن خدمة ذلك الحيوان الذي تعاطفت معه، إذن حتى الحيوان لن يستفيد من قلقك الزائد.

ثالثا: ضع البديل المناسب لهذه المشاعر المتطرفة، وذلك باعتماد وضع معتدل للمشاعر، فالرحمة بالحيوان مطلوبة، وقد ورد في السنة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له قالوا: يا رسول الله، إن لنا في البهائم أجرا؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر. متفق عليه.

فكل هذا الأجر لأجل الرحمة بالحيوان، لكن لو قارناها برحمة الإنسان للإنسان فهي أقل من ذلك، إذ أن الإنسان أكرم وأهم من الحيوان، والأجر فيه أكثر وأعظم. عندما تضع هذه المقارنة في الذهن ستعتدل نظرتك في التعاطف مع الحيوان.

الخلاصة في موضوع التعاطف هو أن يتعلم الإنسان كيف يتعاطف بمشاعره وكيف ينفصل بالمشاعر تجاه الإنسان أو الحيوان.

إذا لم تستفد من كل ما سبق، واستمر تأثير هذا التعاطف المرضي على حياتك، فلا بد من زيارة العيادة النفسية.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات