السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أعرف كيف سأشرح ما الذي أعاني منه؟ ولكن أشعر بالفراغ، وباللامبالاة، لدرجة أني أهملت دراستي وأولوياتي، انخفض تركيزي بشدة، وأصبحت لا أطيق الدراسة، ولا أفعل أي شيء، أفكر كثيرا عن متى سينتهي كل شيء؟ عن متى سأموت؟
لم أعد أشعر بحب الله لي، أشعر أني بعيدة عنه، أحاول دوما أن أتقرب إليه، ولكن أشعر بأن قلبي أصبح باردا، مع شعور بالوهن والضعف واليأس.
الناس من حولي حتى أهلي يعرفون أنني إنسانة بشوشة ومتفائلة، ولكن صرت أشعر بالوهن، وهذا يؤلمني.
حاولت أن أنسى نفسي في إشغال نفسي كالتطوع، ولكن الشعور لا يزال موجودا.
أصبحت غريبة عن نفسي كثيرا، والمؤلم أنه لا أستطيع أن أبوح بما في داخلي، فأنا كتومة جدا، ولا أحب أن يراني الآخرون ضعيفة، وأعرف أن هذا خطأ، ولكنني لا أستطيع.
فكرت كثيرا في الذهاب إلى طبيب نفسي، ولكن لم أتجرأ على قول هذا لأهلي.
لا أعرف كيف سأحل هذه المشكلة؟ فهل هو قلق أم اكتئاب، ولكن كل ما يهمني أن يختفي شعور الوهن واللامبالاة، فقد تعبت كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
المسارات النفسية والوجدانية عند الإنسان لا تسير على وتيرة أو نسق واحد، فالإنسان جبل على التقلب المزاجي والتغيير الوجداني من وقت لآخر.
لا أريد أبدا أن نستعجل ونسمي الذي تعانين منه نوبة اكتئاب نفسي حقيقية، لأن الاكتئاب حقيقة ليس بمرض سهل. أنا أرى أن الذي بك هو نوع من القلق النفسي البسيط إلى المتوسط، مع شيء من عسر المزاج، وأحسب أنه مؤقت إن شاء الله، أحسب أنه عابر، وأرى أيضا أنه لديك إن شاء الله المهارات والمقدرات التي تؤهلك لأن تنقلي نفسك لوضع نفسي أفضل.
يجمع علماء النفس والسلوك على أن الإنسان نفسيا له ثلاث مكونات: (الأفكار، والمشاعر، والأفعال)، حين يأتي الفكر السلبي؛ على الإنسان أن يتذكر ما هو إيجابي، وإذا جلست مع نفسك جلسة هادئة سوف تجدين أن هنالك أشياء جميلة جدا في حياتك. فإذا إعمال الفكر الإيجابي ليكون هو الطبقة الأولى في التفكير؛ هذا يؤدي إلى تغيير كبير في المزاج، والمزاج نفسه يجب أن نصر على التفاؤل، يجب أن نصر على حسن الظن، يجب أن نصر على الهدوء الذاتي، وأنت أصلا كنت إنسانة بشوشة ومتفائلة، وأنا أؤكد لك هذه الطاقات لا زالت موجودة، ربما تكون اختبأت بعض الشيء، لكن بإصرارك على التغيير إن شاء الله تعالى سوف يأتي وجهك النفسي الحقيقي، وهو وجه إيجابي.
وجد أن الحرص على الإنجاز وعلى الأفعال يغير الفكر ويغير المشاعر، وعلى ضوء ذلك أريدك أن تقومي بعمل جدول يومي تديرين من خلاله وقتك، وأول خطوات هذا الجدول هو أن تحرصي على النوم الليلي المبكر، لأن ذلك يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الجسم والدماغ، وهذا قطعا يعود عليك بخير كثير، تستيقظين مبكرا، وتؤدين صلاة الفجر في وقته، وتبدئي يومك بعد ذلك. الانطلاقات الصباحية والإنجازات في الصباح دائما ترفع من معنويات الإنسان، وتجعله أحسن مزاجا.
فإذا هذه هي الخطوات الأساسية، وطبعا بقية اليوم: سوف ترتبي نفسك، وتجعلي وقتا للدراسة، ووقتا للترفيه الإيجابي على النفس، ووقت للتواصل الاجتماعي، ولابد أن تكوني عضوا فعالا في أسرتك، لا تعيشي في هامش الأسرة أو في أطرافها، وكوني إنسانة بارة بوالديك، هذا أيضا يأتيك بخير كثير.
مارسي أي رياضة ممكنة، رياضة المشي، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة أيضا مطلوبة في حياتك.
نقطة أخيرة، وهي: أريدك أن تقومي أيضا بإجراء فحوصات طبية عامة، تتأكدي على وجه الخصوص من مستوى الدم لديك، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (ب12)، وفيتامين (د). هذه المكونات الفحصية مهمة جدا، وإذا كان هنالك أي نقص – مثلا – في فيتامين (د) أو غيره يجب أن يتم تعويضه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.