الوسواس والخوف من الأمراض عطل حياتي، ماذا أفعل؟

0 22

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي بدأت منذ أكثر من ١٥ سنة بألم في المعدة، وشخصت على أنها قرحة وقولون عصبي، فحدث لي نوبات خوف شديد من الأعراض، شبه أعراض الموت، دقات قلب سريعة، وعرق، ودوخة، وعدم اتزان، وخوف شديد، وبدأت أنعزل عن الناس.

وبدأت رحلة الأطباء تقريبا كل يوم عند دكتور، تقريبا ذهبت إلى جميع التخصصات وكل شيء تمام.

في عام ٢٠١٧ حدث معي ذلك مرة أخرى ولكن بشدة، نوبات خوف شديدة، وتوهمت أمراض القلب، علما بأنني أجريت تخطيط القلب وإيكو، وتخطيط بالمجهود، -والحمد لله- كلها سليمة، وما أن خرجت من توهم بالمرض إلا ودخلت في الآخر.

ذهبت إلى دكتور قلب وأعطاني لوسترال ٥٠ وبعض الفيتامينات، -وبفضل الله وكرمه- حالتي تحسنت كثيرا على لوسترال، وبدأت كل الأعراض تتلاشى، وصرت بأحسن حال، وصرت اجتماعيا ولا أخاف من التوتر أو القلق، ولا الأعراض الجسدية والنفسية التي كانت تأتيني.

أخذت لوسترال لمدة سنة، وانقطعت عنه في أول ٢٠٢١، بدأت أحس بالنوبة ولكن خفيفة، أخذت ليبراكس ولكن التحسن خفيف، مع وجود بعض الأفكار بأنني مريض قلب، وبدأت في توهم الأمراض ومراقبة نفسي، مثل الضغط ودقات القلب والحرارة وغيرها مرة أخرى وبقوة.

منذ شهر ذهبت لأكثر من ١٠ أطباء، مع نفي أي شيء عضوي، ولكن لا يوجد شيء، فما الحل بارك الله فيكم، وهل يوجد علاج لحالتي لأنني لم أخرج من غرفتي.

آسف على الإطالة، حاليا آخذ ليبراكس منذ ٤ أيام فقط، واركاليون وحقن نيوروتون، وحقن ابينوسين فورت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي تعاني منه يعرف بقلق المخاوف الوسواسي، والخوف من الأمراض والخوف من الموت شائع جدا في هذا الزمان، حيث أن موت الفجاءة قد كثر، ومشاكل الحياة قد تشعبت، والكلام عن الأمراض وعن الوبائيات كثر، والمعلومات أيضا أصبحت ثرة وكثيرة، وأحيانا تكون متناقضة.

أيها -الفاضل الكريم-: أنت تحسنت على الـ (لوستيرال) والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) وهذا دليل قاطع أنه ليس لديك مرض عضوي، والحالة نفسية مائة بالمائة، ولا أريد أن أسميها مرضا، إنما هي ظاهرة، وليس أكثر من ذلك.

أنت مطالب بأن تحقر كل هذه الأفكار، أفكار الخوف من المرض، وأفكار الخوف من الموت على أساس مرضي، لكن يجب أن نخاف من الموت خوفا شرعيا، بأن الموت أمر حتمي، ولا مفر منه، ولا مهرب منه، وفي يوم من الأيام كل منا سيأتي أجله، والإنسان يسعى ليعش حياة طيبة وكريمة، ويعمل لآخرته، ويتيقن تيقنا كاملا أن الأعمار بيد الله تعالى، وأن الخوف من الموت لا ينقص في عمر الإنسان شيئا ولا يزيده أبدا، وأن الإنسان يجب أن يسعى دائما ألا يدركه الموت وهو في غفلة من أمره، ويكون منغمسا في الذنوب، نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة.

أيها -الفاضل الكريم-: في ذات الوقت يجب أن تسعى لتعيش حياة صحية، الحياة الصحية تتطلب: تجنب السهر، والحرص على النوم الليلي المبكر، وأن تتجنب النوم النهاري، وأن تهتم بغذائك، وأن تدير وقتك إدارة طيبة، وأن تقوم بعمل فحوصات دورية، مثلا تقابل الطبيب -طبيب الأسرة أو طبيب الباطنة أو أي طبيب تثق فيه- مرة واحدة كل أربعة أشهر، يعني ثلاث مرات في السنة، وتقوم بإجراء الفحوصات العامة، هذا -إن شاء الله تعالى- يشعرك بطمأنينة كبيرة، ويجعلك توقف التنقل ما بين العيادات والأطباء.

الحياة الصحية تتطلب: ممارسة الرياضة بانتظام، تتطلب الالتزام الديني، وأن يكون الإنسان حريصا جدا على أداء صلاته في وقتها، وأن تحرص على الأذكار وتلاوة القرآن.

عليك أيضا بالتواصل الاجتماعي الإيجابي، عليك بالترفيه عن نفسك .. هذه كلها متطلبات مهمة وضرورية جدا.

سيكون أيضا من المهم أن تطور نفسك على المستوى المهني، وأن تجتهد في عملك، ويا حبذا لو بحثت عن دراسات عليا مثلا.

هذه الأنشطة وطريقة التفكير الجديدة سوف تستولي تماما على الحيز الفكري السلبي الذي يقوم على الخوف والوسوسة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت الآن تتناول عددا من الأدوية: الـ (أركاليون) والـ (نيوروتون) والـ (ليبراكس)، مع الاحترام والتقدير الشديد لا أراها ضرورية أبدا، لكن إذا وصفها لك الطبيب فتناولها.

أنا أرى أنك محتاج لتتناول عقار (لوسترال) مرة أخرى لمدة ثلاثة أشهر، وخلال مدة الثلاثة أشهر هذه تجتهد في تنظيم نمط حياتك على الأسس التي ذكرتها لك، تبدأ اللوسترال - أو ما يعرف بالسيرترالين - بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - يوميا لمدة أربعة أيام، ثم اجعلها حبة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات