السؤال
السلام عليكم، شكرا جزيلا دكتور محمد على تشخيصك لحالتي، وإعطائك الدواء المناسب لي.
لدي استفسار لو سمحت، أنا قبل الحمل ذهبت للطبيبة وشخصت حالتي بخلل بهرمون للسيروتنين، سبب لي هذه الأعراض، وأعطتني دواء (بروكستين 25)، تناولت حبة واحدة أو نصف حبة، لا أتذكر، لكن حدثت لي جميع الأعراض الجانبية من فرط قلق ودوار وجفاف فم، فتوقفت عن تناوله، وقررت علاج نفسي من غير أدوية.
مرت سنة وشهر وأنا لا أشعر بتحسن بدون دواء، وأعتقد الحمل زاد الوضع سوءا، فبعد الولادة تحدثت مع طبيبتي ووصفت لي (لوسترال) وأنت وصفت لي ( بروكستين)، فأيهما أفضل للرضاعة؟
أنا مترددة جدا بتناول الأدوية النفسية وزاد ترددي خوفي على صغيرتي من تأثيرها.
بماذا تنصحني دكتور؟ أحيانا أشعر بتحسن وكأن لم يكن هناك شيء، وأحيانا يعاودني الخوف والقلق من أي شيء من أي حركة تحدث.
عانيت من خوفي من الانفصام والهلاوس، ومن كثرة التفكير أصبحت أتحدث لنفسي وأقول: المريض الذي يعاني انفصاما يرى شخصا هنا جالسا مثلا أو شخصا يفتخ الخزانة.
أنا لا أرى شيئا، لكن أضع نفسي مكان المصاب، ولا توجد أي قصة عائلية لهذا المرض.
أخيرا توجد ستارة من نوع الساتان بغرفة النوم لدي وبجانبها ضوء عاكس عليها عندما أكون مستلقية أتصفح الموبايل أشعر أنها تهتز بشكل سريع أنظر إليها أراها ثابتة، فهل المشكلة بالنظر أو بسبب حالتي النفسية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Basma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
الكلام عن السيروتونين لا يخلو من كثير من التعقيدات العلمية، هذه النظرية نظرية افتراضية، لكنها إلى درجة كبيرة نعتبرها صحيحة، بمعنى أن السيروتونين هو أحد الموصلات العصبية الدماغية الرئيسية، وهنالك شبه إجماع أن اضطراب هذه المادة من حيث الإفراز أو التركيز أو المسارات يؤدي إلى الاضطرابات النفسية الوجدانية مثل الاكتئاب والقلق والمخاوف والوساوس.
هذه النظرية نحن نعتبرها نظرية صحيحة إلى حد كبير، ولذا استعمال الأدوية مهم في كثير من الناس، لكن طبعا لا توجد طريقة علمية يمكن من خلالها أن نقيس مستوى السيروتونين في الدماغ بصورة مباشرة، هذا أثناء الحياة لا يحدث، لكن الذين توفوا وهم يعانون من هذه الأمراض النفسية أخذت أدمغتهم وتم تشريحها وتحليلها، واتضح بالفعل أنه يوجد نوعا من الاضطراب في إفراز مادة السيروتونين.
هذه هي الخلفية العلمية لهذا الموضوع، وأنا أعتقد أن هذا الشرح مهم لتتملكي الحقائق كاملة.
بالنسبة للـ (باروكستين) أو الـ (سيرترالين) كلاهما جيد، كلاهما نقي، وكلاهما مناسب جدا للرضاعة، فأرجو أن تطمئني من هذه الناحية، وبما أنه لديك تجربة سلبية مع الباروكستين - والذي وصفته لك - أعتقد سيكون من الأفضل أن تتناولي الـ (لوسترال) الذي وصفته الطبيبة، حيث إنه بفضل الله تعالى سليم جدا، ولا يفرز في الحليب، خاصة إذا كانت الجرعة صغيرة.
توكلي على الله وابدئي في تناول اللوسترال، الحبة تحتوي على خمسين مليجراما، ابدئي بتناول نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها حبة واحدة، وأعتقد أن هذه الجرعة ستكون كافية بالنسبة لك، علما بأن الجرعة الكلية هي حتى أربع حبات في اليوم.
أرى أن حبة واحدة ستكون كافية، يمكن أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر مثلا، ثم بعد ذلك يمكن أن تخفضيها إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.
إذا هذا هو موضوع الدواء، وهو محسوم جدا، وأعتقد أنه ضروري جدا في حالتك، لأن هذه الحالات النفسية في الأصل هي متعددة الأسباب، ولا بد أن يكون علاجها متعدد الأبعاد، والبعد الدوائي مهم جدا، والبعد النفسي والسلوكي والاجتماعي والإسلامي مهم، كلها يحرص الإنسان فيها ليصل إلى غاياته العلاجية.
التجربة التي تحدثت عنها - أي موضوع الستارة وغرفة النوم وما تشاهدينه أو ما تشعرين به من اهتزاز - هذا ناتج عن القلق النفسي ولا شك في ذلك أبدا، فأرجو أن تتجاهلي هذا العرض تماما، وتعيشي حياتك بصورة طبيعية وإيجابية.
أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.