السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة لم أتزوج، وقد بلغت 45سنة، وأعيش لوحدي في البيت، وكنت راضية بما قسم الله لي، وأشغل وقتي بما ينفعني، ولكن الآن فقدت إحساسي بالرضا، أشتاق لوجود ابن يكون سندي بعد الله.
أصبحت دموعي لا تتوقف بسبب هذا الموضوع، لا أحتاج الزواج بقدر حاجتي للأمومة، وهذا صعب أن يتحقق في هذا السن، أريد منكم النصيحة، كيف أعود لحالة الرضا التي كنت فيها؟ وكيف أصبر وأتغلب على وحدتي وظروفي؟ مع العلم أنني لا أستطيع الخروج للعمل أو غيره.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ نفسك رضا، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن سعادة الإنسان تبدأ برضاه بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، وثقي بأن ما يقدره الله للإنسان هو الخير، وأن الذي حجبه عن الإنسان هو الذي ليس فيه الخير، قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).
وقال الفاروق عمر: (لو كشف الحجاب ما تمنى الناس إلا ما قدر لهم).
ونتمنى أن ييسر الله أمرك، ومن حقك أن تبذلي الأسباب ثم تتوكلي على الكريم الوهاب، ومن الأسباب إظهار ما وهبك الله من أشياء جميلة أمام الصالحات، واعلمي أن تجمعات النساء الفاضلات في الدروس أو في المساجد أو في مواطن الخير فيها من يبحثن عن أمثالك من الفاضلات لإخوانهن، أو لأبنائهن، أو لأخوالهن، أو لأي أحد من محارمهن، ولذلك هذا هو الذي تستطيع الفتاة أن تفعله.
ثم عليك بالرضا بما يقدره الله، واعلمي أن لكل أجل كتاب، وأن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ولا تحجزي نفسك، ولا تلومي نفسك، وحاولي أن يكون لك دور في المجتمع وخروج إلى المواطن التي فيها خير، وأشغلي نفسك بذكر الله وطاعته، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان إن كنت في رضا لكن الشيطان يزعجه أن تكوني راضية، ولذلك يأتيك بالأفكار السالبة.
واعلمي أن من الناس من اجتهدوا في طلب الأبناء ثم ندموا؛ لأن الأبناء كانوا سبب الشقاء، وذكر الشيخ طنطاوي – رحمه الله – رجلا ظل سنوات يسأل الله أن يرزقه ولدا، حتى ذهب إلى كعبة الله فرزقه الله الولد، ثم بعد سنوات أتعبه وأشقاه وأدخله في مشاكل لها بداية وليس لها نهاية، حتى عاد إلى حرم الله وإلى الملتزم يسأل الله أن يأخذه.
يعني أريد أن أقول: ينبغي أن تدركي – ومرة أخرى – وعلينا أن ندرك جميعا أن الذي يقدره الله هو الخير، وأن السعيد هو الذي يرضى بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، وأن المؤمنة مطالبة أن تبذل الأسباب، ثم تتوكل على الكريم الوهاب، وترضى بما يقدره الله تبارك وتعالى، ففيه الخير، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الفضلاء والفاضلات من أولي الألباب.
نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يجعلنا وإياك ممن أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.