السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله كل خير لما تقدمونه من جهد لخدمة الإسلام والمسلمين.
نجد في طبيعة الإنسان أن يرث الصفات الجسمية والجسدية من الوالدين، مثل شكل الوجه ولون العينيين وما إلى ذلك.
وسؤالي هو: هل يرث أيضا الصفات الخلقية من طباع وأخلاق، مثل العصبية والسوداوية؟
أنا أسأل هذا السؤال؛ لأني أعرف شخصا أخلاقه طيبة ولكن دائما أصحابه يقولون له: سوف تكون عصبيا مثل والدك وجدك، وشاكا وقلقا مثل أهلك، حتى إن هذا الشخص أصبح قلقا ويخاف الإقدام على عمل أي شيء؛ لأنه يعتقد أنه ربما يصبح في مثل حال أهله، فماذا عليه أن يفعل إذا كان طبعه عصبيا ودائم القلق والتوتر؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
العلاقة بين الإرث والأمراض النفسية والطباع علاقة معقدة جدا، والدراسات تشير أنه لا يوجد أي نوع من الإرث المباشر، أي: ليس من الضروري إذا كان الوالدان لديهما بعض الأمراض النفسية أو نوع من التوتر والعصبية في الشخصية؛ ليس من الضروري تماما أن تصاب الذرية بذلك، ولكن هنالك نوع من الميول لابد أن نعترف به، بمعنى أن الإنسان قد يأخذ بعض طباع والديه، وهذه الطباع تدعم بالتنشئة، أي أنه حين ينشأ في البيت يلعب دور البيئة الجزء الأكبر في الطباع التي سوف تحدث للإنسان، ولا ننس في هذه الحالة طبعا التأثير الإرثي والذي هو ليس كبيرا.
سيكون من المفيد أن أعرض عليك بعض الأرقام، فهي إن شاء الله ستكون مفيدة لمعرفة العلاقة بين الإرث والطباع.
إذا كان الوالدان (الأم والأب) -مثلا- مصابين باضطراب نفسي أو مرض نفسي أو نوع من الطباع المعينة فإن (40%) من الأبناء سوف يصابون بنفس المرض أو نفس الطباع، أو نفس السمات، وإذا تهيأت الظروف الحياتية التي تساعد على هذه الطباع أو الأمراض فسوف ترتفع النسبة إلى حوالي (50%)، أما إذا كان أحد الوالدين فقط مصابا بطباع معينة، أو لديه منهج معين في الحياة أو مرض نفسي معين، فإن نسبة الإصابة هي (15-20%) فقط، وهذه -والحمد لله- نسبة ضعيفة، فإذن لا يوجد أي نوع من الإرث المباشر، ولكن هنالك نوع من الميول الإرثي لأن يأخذ الإنسان من طباع والديه.
أرجو ألا يتخوف الشخص الذي ذكرته في رسالتك مما يقال، خاصة أن الحقائق العلمية تدل أنه لا يوجد تطابق كامل في الطباع مطلقا، فكل إنسان خلقه الله بخصوصية من ناحية الطباع والمسلك والسمات.
أرجو أن يتجنب الخوف والتفكير في هذا الأمر؛ لأن الإسراف في الخوف والتفكير في حد ذاته يعتبر عاملا مهيئا لأن يصاب الإنسان مما يخاف منه.
وبالله التوفيق.