السؤال
السلام عليكم.
أنا لا أعرف بالضبط ما الذي يحصل معي، فأحيانا عندما أكون في العمل، أو في البيت، وأقوم مثلا بإطفاء الضوء، والخروج من الغرفة التي كنت بها، أو أن أكون مثلا في المكتب والخروج منه، وركوب المصعد، أو مثلا عندما أعمل شيئا ما وأنهيه، يعني بالمختصر هذه الحالة تأتيني فجأة دون سابق إنذار.
أصبح كأنني لست أنا، أو لست موجودة، وكل ما حولي ليس حقيقيا، أو ليس موجودا، أصبح كأنني لست حقيقية، وشاردة، وكأنني في حلم، وأنظر للأشياء ولكن أشعر كأنه يوجد شيئا يمنعني من تصديق ما حولي، فأقوم بسرد ما أنا عليه لنفسي، ومثلا أقول أنا اسمي كذا، وهذا منزلي، وهذه عائلتي، وأنا خلقني الله، وأنا موجودة، وأغلق عيني قليلا، وأحيانا تطول الحالة، وأحيانا لا تأخذ الكثير من الوقت، وأحيانا تأتي بصفة متكررة يعني كل يوم.
لا أعلم ما هو الشيء الذي يحصل معي بالضبط، ولكن أتعبني، كما أنني أصبحت خائفة من أن يكون هذا الشيء مرتبطا بورم في الرأس أو شيئا خطيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sahar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا. أشكرك على الثقة في إسلام ويب.
وصفك لهذه الحالة الغريبة وصف جيد ودقيق، وهذه الحالة يربطها الكثير من المختصين بنوع من القلق النفسي البسيط، وهي تسمى بـ (اضطراب الأنية) أو (الشعور بالتغرب عن الذات وعن الواقع)، وحقيقة علاجها يكون من خلال تجاهلها، وتحقيرها، وعدم الالتفات إليها.
تعاملك مع الأمر جيد، فمثلا أنت تحاولين التغلب على هذه الحالة من خلال التأكيد على نفسك، وعلى محيطك، بأن تذكري مثلا: (هذا منزلي، وهذا عائلتي)، هذا لا بأس به، لكن يجب ألا تكثري منه حتى لا تتحول الحالة إلى حالة وسواسية.
بجانب التجاهل تدربي على تمارين الاسترخاء، تمارين الشهيق والزفير مهمة جدا وجيدة جدا، تدربي عليها وأنت بالمنزل، في مكان هادئ، وأنت على السرير مثلا أو جالسة على كرسي مريح، خذي نفسا عميقا، وهذا هو الشهيق، ويكون عن طريق الأنف، وبقوة وببطء، يجب أن يستغرق سبع إلى ثمان ثوان، ويا حبذا لو قمت بغمض عينيك وفتح فمك قليلا، والتأمل والتدبر في شيء طيب، هذا نسميه بالاستغراق الذهني، وهو حقيقة يدعم الاسترخاء بصورة فاعلة.
وبعد الانتهاء من الشهيق أمسكي الهواء في الصدر لمدة أربع ثوان، وذلك لإعطاء فرصة للأكسجين لينتشر حول الجسم، حيث ينقل عن طريق الدم، وهذا يؤدي حقيقة إلى نوع من الارتواء الإيجابي في الجسم. بعد ذلك يكون الزفير، وهو أن تخرجي الهواء بنفس طريقة إدخاله، لكن يكون إخراج الهواء عن طريق الفم، يعني يكون بقوة وشدة وببطء، ويستغرق أيضا سبع إلى ثمان ثوان.
هذا التمرين كرريه بمعدل خمس مرات متتالية، يكرر مرتين في اليوم، مرة في الصباح ومرة في المساء، سوف يفيدك كثيرا جدا.
أيضا رياضة المشي جيدة، تجنب السهر يفيد كثيرا في علاج اضطراب الأنية، وأن تحسني إدارة وقتك، هذا أيضا فيه خير كثير، وطبعا الالتزام بالواجبات الدينية، والصلاة في وقتها، وأن تكثري من الاستغفار ومن الاستعاذة بالله من الشيطان، وأن تحرصي على تلاوة القرآن، والقيام بالأذكار خاصة أذكار الصباح والمساء.
كما ذكرت لك هنالك من ربط اضطراب الأنية بالقلق، لذا التعبير عن الذات والتفريغ النفسي يعتبر أيضا أحد آليات العلاج، لأن الاحتقان النفسي والكتمان - خاصة الأشياء التي لا ترضينا - ربما يؤدي إلى احتقان نفسي داخلي، وهذا ينتج عنه القلق، ومن ثم يتولد عنه اضطراب الأنية، وقد لا يحس الإنسان بالقلق، لا يكون قلقا ظاهريا، إنما قلقا مقنعا داخليا، يعبر عنه في صورة اضطراب الأنية.
هنالك عقار يسمى (ألبرازولام Alprazolam)، البعض يستعمله، وهو مفيد، لكن لا أحبذه، حيث إنه يؤدي إلى التعود والإدمان، لكن يوجد عقار آخر يسمى (اسيتالوبرام Escitalopram) يمكن أن تتناوليه بجرعة خمسة مليجرام - أي نصف حبة - يوميا لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.