السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من عدم الفرحة بأي شيء كنت أستمتع به في السابق قبل وفاة والدي منذ ستة أشهر، رغم أن أبسط الأشياء كانت تسعدني والآن لا، وأنا الحمد لله أحافظ على صلاتي وحجابي الكامل وما كنت أعاني من مشكلات نفسية قبل ذلك، ولا أريد أن أتناول علاجات طبية.
هل هناك حل لمشكلتي بعيدا عن الأدوية؟ وهل هذه حالة مؤقتة من الممكن أن تزول أم لا؟
وجزاكم الله خيرا .
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية. نسأل الله تعالى لوالدك المغفرة والرحمة ولجميع موتى المسلمين.
بعض الناس قد يصابون بشيء من الكرب والحزن والذي يمتد لمدة ستة أشهر أو أكثر بعد وفاة شخص عزيز عليهم، وتكون أفكارهم محصورة حول هذا الفقد، وتأتيهم الكثير من الهواجس التي تكون هي الدافع نحو الشعور بالضيق وعسر المزاج والكدر في بعض الأحيان.
ربما يكون قد انتابك شيء من هذا، فالمطلوب هو حقيقة أن تسألي الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك، وتستحضري قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) ومنهم (الولد الصالح الذي يدعو له)، فكوني أنت الابنة الصالحة التي تدعي لوالدك، وهذا إن شاء الله تعالى يخفف عليك آلام الفقد، فالموت حق ولا شك في ذلك، وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
والأمر الآخر هو: الإنسان إذا أراد أن يشعر بالارتياح النفسي لابد أن يجعل لحياته معنى، أن تكون هنالك أهداف، أن تكون هنالك مقاصد، وأن يكون الإنسان فاعلا ونافعا لنفسه ولغيره؛ فالمشاعر تتبدل من خلال الأعمال الجميلة والأعمال الجليلة والأعمال المفيدة، فانخرطي في الحياة بقوة وبشدة وبأمل ورجاء. نظمي وقتك، وهذا أمر مهم جدا، وأدخلي معاني جديدة على حياتك.
أنت تعملين في الترجمة وهذا تخصص ممتاز جدا، فطوري نفسك مهنيا، ويا حبذا أيضا لو انخرطت في دراسات عليا. ومن المعاني السامية جدا التي يمكن أن تضاف لحياتنا، هو أن يحفظ الإنسان شيئا من القرآن، إن لم يكن كله، هذا معنى عظيم، ومعنى جميل، ومعنى جديد، خاصة أنك تحافظين على صلاتك وملتزمة دينيا، أسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله.
ومثلا: أن تنضمي لإحدى الجمعيات الثقافية، أو الجمعيات الخيرية، هذا أيضا أمر سامي جديد يضيفه ويدخله الإنسان على حياته، أن تكوني دائما شخصا ذا فعالية داخل الأسرة.
فإذا الإنسان يمكن أن يجعل لحياته معنى من خلال أهداف جديدة، وهذه الأهداف يجب أن تكون قابلة للتطبيق، وأن نحدد الآليات التي من خلالها نصل لهذه الأهداف.
من الأشياء التي يمكن تؤدي فعلا إلى الراحة النفسية النوم المريح، وهذا يتطلب أن تتجنبي السهر، وتستيقظي مبكرا، وبعد صلاة الفجر يمكن أن يكون لديك الكثير من الفعاليات، فالبكور فيه بركة كثيرة وخير كثير، وهو من الأشياء التي تجلب السعادة.
من الأشياء التي تجلب السعادة للإنسان أيضا الالتزام بالواجبات الاجتماعية، حيال الأسرة، حيال الصديقات والزميلات والمعارف، أن تهنئي الآخرين بما هو مفرح، وأن تشاطري وتشاركي أحزانهم، زيارة مرضاهم، تفقد الأرحام وصلتهم والسؤال عنهم وعن أحوالهم وزيارتهم.
هذه كلها أمور وأشياء اجتماعية عظيمة جدا نابعة من هذا الدين العظيم، أمر بها وحث عليها نبينا صلى الله عليه وسلم، مردودها النفسي ممتاز لمن يؤديها، ومن جوامع الكلم من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).
لا داعي أصلا لتناول أي دواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.