السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تعالى.
شكرا لك شيخنا الكريم على استضافتك لنا في موقعك ، ونسأله اللهم التوفيق والسداد في مسيرتكم الفتوية لما فيها الخير والصلاح للناس . أما بعد .
فأنا طالب عشريني (20 سنة)، ملتزم بشرع الله وعالم بأمور الدين - وهذا بتوفيق من الله، وإليه يرجع الأمر - مررت بظروف قاهرة جدا جعلت مستواي الدراسي ينهار بشكل كبير بعد أن كنت من الأوائل في الدفعة، وهذا نتيجة كثرة الناقمين علي والحاسدين - لكني لا ألومهم بل أحسن إليهم والحمد لله - ما أن أخرج من الحرم الجامعي إلا وأجد أعين الناس كلها علي - مع أني أفضل الانزواء عنهم، وتغيير طريقي عندما ألقاهم - ولكن هذا ولد في نفسي الوحدة والكآبة.
أنا أرى الناس من بعيد لكني أحس بنفسي أني غير موجود بينهم، حتى قال لي أحد الزملاء في الجامعة: إننا لا نحس بوجودك بيننا، إنك ميت في جسد حي - وهذا ما أشعرني بالضيق والحرج في تلك اللحظة خصوصا وأنه قال مقالته في جمع غفير من الناس . - لكني تراجعت عنه وسامحته على كل شيء - لأن من طبعي مسامحة الناس على أذيتهم لي، مع أني جرحت كثيرا في حياتي.
كما أني أحس بأني كلما أحسنت إلى الناس، ظنوا ذلك مني ضعفا وزاد غلوهم في أمري والاستهزاء بي.
ما نصيحتكم لي؟ فضيلة الشيخ، لأني ضقت ذرعا من المحيطين بي.
شكرا على كل شيء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، وقد أسعدنا التزامك بشرع الله، وعلمك بأحكام هذا الدين العظيم، ونسأل الله تبارك وتعالى الذي وفقك أن يزيدك توفيقا وخيرا.
أرجو أن تعلم أن الظروف القاهرة التي مررت بها سوف تنتهي، وسوف تعود أمورك إلى وضعها الصحيح، فاستعن بالله وتوكل عليه، واعلم أن الناس لا يملكوا لأنفسهم - فضلا عن غيرهم - نفعا ولا ضرا، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، فاستعن بالله تبارك وتعالى، وتوكل عليه، واعلم أن الناس مهما فعلوا - وإن تآمروا وكادوا - لن يضروك بشيء قد قدره الله تبارك وتعالى عليك.
احرص دائما على أن تشغل نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، وردد في نفسك مقولة: {فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم}، فإن الإنسان إذا توكل على الله فإن الله تبارك وتعالى كافيه، قال العظيم: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.
لا تعط الأمور أكبر من حجمها، واجتهد في أن تكون علاقتك بالناس معتدلة، واعلم أن الذي يخالط ويصبر خير من الذي لا يخالط ولا يصبر، ولكن ننصحك بأن تختار الأخيار الذين يذكرونك بالله إذا نسيت، ويعينوك على طاعة الله إن ذكرت. ولا تتأثر بكلام الناس إذا تكلموا، فإن الإنسان يتكلم بما في نفسه، وكل إناء بالذي فيه ينضح.
مهما حاول إنسان الانتقاص منك فإنه ينتقص من نفسه، فلا تكن حساسا أكثر من اللازم، واعلم أنه ما من إنسان في الناس إلا وعنده نقص، والناس إذا علموا أنك تهتم بكلامهم وتغتم له؛ من الناس من يزيد في هذه الحالة، لكنك إذا تغافلت عن سفاهة السفيه وجاهلة الجاهل ومضيت في سبيلك دون أن تقف أمام هذه الأمور فإنهم سيكفون ويتوقفوا عن هذه الممارسات التي تشعر بعدها بالضيق.
عليك أن تستمر في إحسانك، ولا تترك أخلاقك الجميلة إن ساءت أخلاق الناس، عليك أن تفعل المعروف وإن ظن الناس غير ذلك، فاجعل قصدك وجه الله تبارك وتعالى، وافعل ما تستطيعه، ولا تكلف نفسك فوق طاقتها، وهذه وصيتنا لك أولا بالدعاء.
الأمر الثاني: بإصلاح ما بينك وبين الله.
الأمر الثالث: بالاستمرار على ما أنت عليه من صلاح وخير.
الأمر الرابع: شغل نفسك بالمفيد، والاهتمام بدراستك، وتنظيم الجدول، حتى يعود مستواك إلى وضعه الأول.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.