السؤال
السلام عليكم.
عندي طفلان في العاشرة والثامنة من العمر يتمتعان بدرجة عالية من الذكاء ومن المتفوقين بالدراسة، ومشكلتي معهما أنهما مشاغبان لدرجة كبيرة، ولا يحبان الدراسة، ولا القراءة، ولا عمل أي شيء، فقط اللعب لا يملان منه، ولا يحسبان حسابا للوقت أو للدراسة، وهذا أدى إلى تراجعهما هذه السنة نوعا ما بالمدرسة وإذا لم أدرسهما فلا مشكلة عندهما أن لا يدرسان وهذا يسبب لي التعصيب الدائم والشجار مع زوجي.
سؤالي: كيف أجعلهما يقسمان الوقت للعب وللدراسة ولقراءة القصص وعمل أشياء أخرى؟ يعني حتى لعبهما بالقتال لا يفكران بأن يلعبا لعبة مفيدة كالشطرنج أو غيرها دون أذى، وكيف أقنعهما بأننا لم نخلق للعب فقط؟ مع العلم أنهما مدللان ولا ينفع معهما التهديد بحرمانهم من أي شيء.
أرجوكم أفيدوني ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة /Hind حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا الرشاد والسداد، ورددي دائما دعاء الأخيار الذين يقولون: (( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ))[الفرقان:74].
فلابد للطفل أن ينال حظه من اللعب، وشغل الوالدين هو تحديد نوعية اللعب واختيار الأوقات المناسبة، ولا داعي للقلق، فلا يزال هؤلاء الأطفال صغارا ولم يستوعبوا حلاوة النجاح ومرارة التأخر في الدارسة والفشل.
وأرجو أن يكون للقرآن نصيب وافر في هذه المرحلة، كما أرجو أن تجتهدي مع زوجك في تحديد منهج متفق عليه لتربية هؤلاء الصغار؛ لأن أطفالنا يتضررون كثيرا إذا لم يكن هناك توافق وتفاهم في العملية التربوية، ويتيه الطفل بين أب يأمر وأم تنهي.
كما أرجو أن تبتعدا عن الشجار أمام الأطفال، واختاروا للنقاش أوقاتا يكون فيها الصغار بعيدين أو نائمين، ولا شك أن الخصام وارتفاع الأصوات والعصبية من الوالدين لها آثار خطيرة جدا على الأبناء، فقد تتسبب في كراهية المنزل والانحياز لأحد الوالدين، وتحطيم شخصية الوالدين في نفس الطفل، والتأخر والفشل في الدراسة، واكتساب العصبية والعناد، إلى غير ذلك من الآثار الخطيرة.
وإذا قام الأب بدوره وتولى التدريس والمراجعة لأحدهما فبإمكانك أنت رعاية الطفل الآخر؛ لأنه من المصلحة عزل كل طفل عن الآخر في وقت الدراسة مع تبادل المواقع في التدريس والمراجعة.
ومن الضروري اختيار اللعبات المفيدة، ولكن الجسم أيضا يحتاج لحركة ورياضة لتكتمل عملية النمو الصحيحة، وعموما الطفل المتحرك أفضل من الطفل الذي لا يتحرك؛ لأنه يعطينا فرصة للتوجيه والتصويب.
وأحذركم من الدلال الزائد، فإنه مفسد للأبناء، ولابد من الموازنة بين الشدة واللين كما قال الشاعر الحكيم :
فقسا ليزدجروا ومن يك راحما **** فليقس أحيانا على من يرحم
وعلينا أن نمدح ونشجع صور الاهتمام بالدراسة، ونذكر لهم قصص لبعض الناجحين في الحياة الذين وفقهم الله لأنهم كانوا مجتهدين، ونحن نحتاج أن نشجع أطفالنا فنقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنه: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلى من الليل) فكان بعد ذلك لا ينام من الليل قليلا .
وقال لحزيم الأسدي: (نعم الرجل أنت لولا خلتان..) وهكذا ننمي الجوانب الإيجابية ونلفت النظر إلى جوانب الخلل والنقص، وعندما نهدد فالصواب أن ننفذ ما هددنا به، وأن يكون هناك اتفاق بيننا على ذلك حتى لا يخطئ الطفل ويجد الحماية من الأب أو الأم، ويضر الطفل أن يسمع كلاما مثل: مسكين لماذا ضربته؟ فإذا قام أحد الوالدين بالعقوبة فينبغي للآخر أن يظهر الموافقة على ذلك، ووسائل الإعلام هي المسئولية عن تربية معظم الأطفال على الألعاب العنيفة، فالطفل يشاهد أشياء في الرسوم المتحركة ويحاول تنفيذها بكل أسف، فيتضرر هو ويضر إخوانه الصغار، وعلينا أن نقنعهم بضرورة اللعب بهدوء، ونقول وهم يسمعون: الطفل الممتاز يطيع والديه ويبتعد عن اللعب بعنف ويشفق على إخوانه الصغار .
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، والله الموفق.