السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، خريج إدارة، كنت من أصحاب الهمم العالية والمحافظين على صلاة الجماعة في المسجد حتى لو أتى ضيوف لدي أصلي في المسجد، وكان لي ورد يومي من قراءة القرآن، وأداوم على أذكار الصباح والمساء، ومن المنفقين في الليل والنهار سرا وعلانية، ومن المجاهدين ومن المتقين.
حدثت قصتي قبل أربع سنوات، كنت جالسا مع صديق لي في المسجد، فقال بأنه حدث معه شيء غريب اليوم، حيث قال: كنت جالسا وحدي في غرفتي، وحدث وشعرت بعلامة الموت (والتفت الساق بالساق)، فاستنكرت الأمر وقلت له: هذا وسواس، وانس الفكرة.
بعدها بأيام كنت أصلي صلاة العشاء في المسجد، شعرت بالخوف، وانتابني شعور أني سوف أموت، وقلت في نفسي أريد أن أقطع الصلاة وأهرب، وقلت على أي هيئة سوف أموت، واقفا أم جالسا أم راكعا، وضربات قلبي بسرعة، وشعرت أني سوف يغمي علي، وعيناي قد ذبلتا، وأن هناك شخصا سوف يأخذ روحي، وقلت إني أخجل من المصلين ونظراتهم لي في حالة فقدت الوعي وانتهت الصلاة،
وأصبحت كل صلاة يأتيني هذا الشعور.
أحيانا أشعر أني أصلي، ويحدث هذا الشعور، وأقاوم نفسي، وأستبدل الفكرة السيئة بفكرة حسنة، ورغم ذلك يأتي.
دعوت الله كثيرا أن يشفيني، وأصبحت أصلي في المنزل، منذ سنتين، وإذا صليت في الجماعة أصلي في الصف الأخير أو عند باب الخروج من المسجد، أو خارج المسجد، ولا أحضر المحاضرات في المسجد، وأحياننا يأتيني الشعور وأنا في البيت أو في العمل.
أرجو المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، أسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي: يا ليتك لو اتصلت بنا قبل ذلك ولم تظل لمدة سنتين تصلي معظم صلواتك في المنزل.
عموما إن شاء الله كله خير، وحالتك هي حالة بسيطة جدا.
الذي حدث لك نسميه بنوبات الهرع أو الفزع أو الهلع، ومنشأها هو تلك الفكرة الوسواسية التي طرأت على صديقك حينما كنتما جالسين في المسجد. الوساوس دائما لديها روابط أو نقطة انطلاقة، فبالرغم من أنك تعاملت مع وضع ذلك الصديق بصورة ممتازة جدا ونصحته أن يتجاهل هذا الأمر - وهو وسواس - لكن أعتقد ظل شيئا من هذه الفكرة في وجدانك وكيانك الداخلي على مستوى العقل الباطني، وبعد ذلك انتابتك نوبة الهلع والخوف من الموت في أثناء الصلاة، وهذه طبعا تجربة سخيفة جدا أخي الكريم، وحدث لك نوع من الارتباط الشرطي -هكذا يسمى في علوم السلوك- الخوف والوسوسة ارتبطت شرطيا بالصلاة للدرجة التي جعلتك تفكر في أن تقطع الصلاة وتخرج من المسجد.
أيها الفاضل الكريم: هذه مجرد نوبات هلع وهرع وفزع، وعلاجها إن شاء الله بسيط. أنت تحتاج لدواء، هنالك أدوية فاعلة جدا، ممتازة جدا، سليمة جدا لعلاج هذا النوع من الهرع والهلع والوسوسة، وبجانب الدواء توجد بعض الإرشادات البسيطة التي سوف نذكرها لك.
من أفضل الأدوية المفيدة دواء يسمى (اسيتالوبرام Escitalopram) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرالكس Cipralex)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة - أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - هذه جرعة البداية، تتناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرن مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء. هذا الدواء سليم، وفاعل، وغير إدماني.
إذا دواء واحد إن شاء الله تعالى يفيدك كثيرا، وسوف يقلل لديك قطعا القلق والتوتر والمخاوف الداخلية، لكن فعالية الدواء لا تبدأ إلا بعد ثلاثة أسابيع من بداية تناوله، فاصبر عليه.
بجانب الدواء - أخي الكريم - أريدك أن تلجأ إلى التحقير، ومخاطبة هذه الأفكار قائلا: (أنت فكرة سخيفة، أنت أفكار حقيرة، أنا لن أهتم بك أبدا ...) وهكذا. وعليك أيضا تطبيق تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة مفيدة جدا، توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) أرجو الاطلاع عليها وتطبيق ما ورد فيها.
وارجع - يا أخي - لصلاتك في المسجد، وعش حياتك بصورة طبيعية جدا. الأمر في غاية البساطة، وسوف يعالج تماما.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.