أشعر أن أفعالي تتنافى مع أفكاري، فما تفسير حالتي؟

0 16

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في مقتبل العمر 21 سنة، قبل أربع سنوات كانت حياتي طبيعية ومليئة بالسعادة والثقة في النفس، ولكن فجأة أتتني حالة كان تفسيرها أني لم أعد أشعر بالسعادة في بعض الأمور التي كنت سابقا أستمتع بها بشكل جيد، ولكن تغلبت على هذا الشيء، وعادت حياتي طبيعية، وبعدها بفترة عاد لي هذا الأمر، ولكن كان مصحوبا بقلق وخوف، فتراني تارة أخاف من بعض الأشخاص، وتارة أخاف من الموت والأمراض.

لم أعر الموضوع والخوف هذا اهتماما، إلى أن جاءني الخوف من مرض الفصام وسيطر هذا الخوف على عقلي، وأخذ حيزا كبيرا في تفكيري، فتراني أتساءل ماذا سيحصل إذا أصابني هذا المرض؟ ماذا سيحصل لحياتي وأهلي؟ ومن الذي سيقف إلى جانبي؟ أيقنت أني مصاب بالفصام بسبب أن عمي مصاب به، وأيضا تغلبت على هذا الخوف واستمريت سنة بخير، ولكن جاءني وسواس في ذات الله مع ضيق في الصدر والتنفس، ولا زال يصاحبني إلى هذا اليوم، ولكنه أصبح أخف.

أما الآن وبعد كل هذه المعاناة أصبحت شخصا لا أفهم نفسي، أشعر أن أفعالي تتنافى مع أفكاري، لأني أحيانا تأتيني فكرة مثل أن أسب أمي أو شخصا آخر عندما يتحدث معي، أو أن أصفه بالكذب، لكني لا أفعل، وكأني أصبحت شخصا مريض الفكر حسن التصرف.

لا أعلم ماذا أريد، لست أعرف شخصيتي، ولا طموحي، ولا هدفي، لا أعرف سلبياتي من إيجابياتي، لا يوجد هدف أو طموح في رأسي، وأيضا عاد لي خوف الفصام، ولكنه أصبح مصحوبا بشك أو وسواس في أهلي رغم علمي أنها أفكار كاذبة، ولكنها تؤلمني، أرجوكم أخبروني ما مرضي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الموقع، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

بالفعل هي أفكار كاذبة ولكنها مؤلمة، لأنها أفكارا وسواسية. الذي لديك هو قلق المخاوف الوسواسي، ونسبة لمحتوى الوساوس وحساسيتها أصبح يأتيك الألم النفسي الذي تحدثت عنه.

أبشرك أن هذه الوساوس تعالج وتعالج بصورة فاعلة جدا. على مستوى الأفكار يجب أن تحقرها، ويجب ألا تهتم بها أبدا، يجب ألا تحاورها، ويجب ألا تناقشها، وكل فكرة وسواسية اصرف الانتباه عنها من خلال استبدالها بفكرة أخرى مخالفة لها. هذه هي الأسس العلاجية، وهي أصول وأسس علاجية بسيطة لكنها فاعلة جدا.

الأمر الثاني هو: أن تحسن إدارة وقتك حتى تتجنب الفراغ، لأن الفراغ أيا كان - الفراغ الذهني أو الفراغ الزمني - يؤدي إلى الكثير من الاضطراب النفسي والتوترات والقلق والوساوس.

الأمر الثالث هو: أن تجعل لنفسك جدولا يوميا تدير من خلاله أعمالك، وأفضل شيء في إدارة الوقت هو أن ينام الإنسان مبكرا، ويتجنب السهر، ويستيقظ مبكرا، يؤدي صلاة الفجر، وبالنسبة للطالب مثل شخصيك الكريم يبدأ يذاكر لمدة ساعة قبل أن يذهب إلى جامعته. هذه بداية لليوم ممتازة جدا، وهي دليل مجرب على حسن إدارة الوقت، فأرجو أن تتبع هذه المنهجية.

الأمر الرابع: يجب أن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة، رياضة المشي، رياضة الجري، كرة القدم - أي شيء من الرياضات - يجب أن تهتم بالرياضة وأن تمارس شيئا ولو نصف ساعة على الأقل يوميا.

أريدك أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، هنالك عقار يعرف باسم (سيبرالكس Cipralex) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام Escitalopram)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة - من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناولها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة (عشرة مليجرامات) يوميا لمدة شهر، ثم عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرامات يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم خمسة مليجرامات يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

وهناك علاج تدعيمي آخر يسمى (ريسبيريدون Risperidone) أريدك أن تتناوله بجرعة صغيرة جدا، واحد مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

كلا الدوائين من الأدوية السليمة والفاعلة والممتازة جدا، وطبعا توجد أدوية أخرى، لكن هذه من أفضل الأدوية. أرجو أن تلتزم التزاما قاطعا بالنصائح التي أسديتها لك، وإن كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا أيضا أمرا جيدا، وإن لم تستطع أنا أعطيتك المحتوى الجوهري لكيفية معالجة الوسوسة والقلق، وطبعا الدواء مهم جدا، لكن أيضا التدريبات الذهنية السلوكية هامة جدا: تحقير الفكرة وعدم الخوض فيها هي الأسس الرئيسية للعلاج النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات