السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أخي كان في الأول يعاني من اكتئاب، ورهاب، وقلق، ووسواس، فبدأ مسيرته مع الأطباء، ومع مضادات الاكتئاب، وبعد مدة طويلة تم تشخيصه بثنائي قطب ورهاب اجتماعي.
حالته مستقرة بخصوص الاكتئاب، ونشط ويود الدراسة إلى آخره، لكن الرهاب الاجتماعي يعيقه، ويصرح أنه لو شفي من هذه الحالة سيكون أحسن.
الطبيب المعالج يقول أنه لا يمكن أن يعطيه مضاد قلق أو اكتئاب في حالة ثنائي القطب، بداعي أنه لا يصلح في هذه الحالة، ويقول أن عليك المواجهة والعلاج السلوكي، وأخي يرفض العلاج السلوكي، يقول أنه يحتاج الدواء لأنه قبل مع مضادات الاكتئاب وحدها كان قد تخلص من الهلع والخوف، لكن للأسف كان قد صعد لنوبة خفيفة من الهوس وهناك تم تشخيصه بثنائي قطب.
ما العمل؟ هل يجب تغيير الطبيب أو ماذا؟ أخي حاليا يعاني كثيرا!
سؤالي: هل ممكن أن يأخذ مضادات اكتئاب مع مثبت المزاج والدواء الحالي أو لا؟ يعني هل كلام الطبيب صحيح أو يجب تغيير الطبيب أو ماذا نفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لأخيك العافية والشفاء، وأشكرك على اهتمامك بأمره.
وجود الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية مع الرهاب الاجتماعي ربما يمثل بالفعل إشكالية بسيطة من حيث اختيار الأدوية العلاجية، حيث يعرف تماما أن الأدوية التي تعالج الرهاب الاجتماعي هي مضادات الاكتئاب، خاصة عقار (سيبرالكس Cipralex) أو عقار (زولفت Zoloft) أو عقار (سيروكسات Seroxat).
هذه هي الأدوية المعروفة لعلاج الرهاب الاجتماعي، ومشكلة مضادات الاكتئاب أنها ربما تزيد من شدة وحدة القطب الهوسي عند مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، أو ربما تحول المريض إلى ما يعرف بالباب الدوار، أي: أن المريض يدخل في نوبة الاكتئاب ثم يتحسن ثم يرتفع مزاجه ثم يدخل في نوبة هوسية، يتم التوقف عن الأدوية المضادة للاكتئاب، بعد ذلك يدخل في نوبة اكتئابية، يعطى مضادات الاكتئاب، ثم يدخل في نوبة هوس مرة أخرى ... وهكذا.
فهذه هي الإشكالية التي نواجهها، لكن بفضل من الله تعالى اتضح أن عقار (باروكستين Paroxetine) وهذا هو اسمه العلمي، والذي يسمى (سيروكسات) تجاريا، وربما يوجد في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر. هذا الدواء بجرعة صغيرة إلى وسطية لا يؤدي إلى حدوث القطب الهوسي، وفي ذات الوقت هو من أنجع الأدوية التي تعالج الرهاب الاجتماعي.
فإذا تناول الزيروكسات سيكون مقبولا جدا في هذه الحالة، لكن يجب أن تكون الجرعة معقولة، ألا تتعدى حبة واحدة - أي عشرون مليجراما - يوميا، وهذه سوف تكون كافية من وجهة نظري. يبدأ بعشرة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ينتقل إلى عشرين مليجراما يوميا، يستمر عليها حتى تتحسن حالته من الرهاب، ثم بعد ذلك يخفضها إلى عشرة مليجرام يوميا كجرعة تدريجية للتوقف عن الدواء، ويستمر عليها مثلا لمدة شهر، ثم يجعلها عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم يتوقف عن تناول الدواء.
فهذه هي الخطة بالنسبة للعلاج الدوائي، وأنا متأكد إذا عرضتم هذا الأمر على طبيب هذا الأخ لن يرفض الفكرة.
والزيروكسات حقيقة يعمل على المكونات العصبية الثلاثة - أو الموصلات العصبية الثلاثة، وهي: السيروتونين Serotonin، والدوبامين Dopamine، والنورأدرينالين Noradrenaline - ويعرف أن مضادات الاكتئاب الأخرى لا تعمل على الدوبامين، وهذا هو السبب في أنها قد تدخل الإنسان في القطب الهوسي.
يوجد عقار أيضا يسمى (ويلبوترين Wellbutrin) واسمه العلمي (بوبروبيون Bupropion) هو مضاد للاكتئاب، هذا لا يدخل الإنسان أبدا في القطب الهوسي، لكنه ليس فاعلا قويا في علاج الرهاب الاجتماعي.
فإذا الزيروكسات سيكون هو الخيار الجيد بالكيفية التي ذكرناها، وأتمنى أن تعرضوا هذه الفكرة على طبيب هذا الأخ، وفي ذات الوقت هذا الأخ لابد أن يكون له بعض الاجتهادات السلوكية، هنالك ما نسميه بالتعريض مع منع الاستجابة، أمور بسيطة جدا، مثلا:
- يصر على الذهاب إلى الصلاة في المسجد مع الجماعة، حتى لو بدأ من الصف الخلفي، ثم بعد ذلك يرتقي في الصفوف تدريجيا حتى يصل إلى الصف الأول، بل يتصور نفسه أنه سوف يكون في مكان الإمام مثلا في يوم من الأيام ... وهكذا.
- يحرص على زيارة المرضى في المستشفيات، لا أحد يخاف من هذا الموقف أبدا، لأنه موقف طيب وجميل، ويحتسب فيه الإنسان الأجر.
- يشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم ... وهكذا.
إذا العلاجات السلوكية الاجتماعية الطبيعية هي التي تعالج حالة هذا الأخ، مع تناول الأدوية كما هو مرسوم مقرر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.