السؤال
السلام عليكم.
أمي منذ أن كنت صغيرة كانت تتركني للآخرين ليعتنوا بي، وهي من قالت لي ذلك أنها لم تتذكر طفولتي؛ لأنها لم تربيني، وعندما كبرت حاولت التقرب منها أكثر من مرة؛ في كل مرة تصدني بكلام جارح بأنني متلونة وأنها تكره تصرفي معها بلطف، وأحزن مع نفسي وأرجع مرة أخرى، وحتى وقت مرضها كنت أنا من أعتني بها، وكانت تقول لي اتركيني مللت رؤيتك! وكانت تتوسل لأخي وأخي كان مشغولا عنها، أنا دائما أحاول التقرب منها ومعاملتها بلطف، وهي تصدني بكلام جارح، لدرجة أنها تقول لي: (تطلقي وأنت تشبهين أبوك ..)، وعندما أسألها لماذا تفعلين ذلك يا أمي؟ ترد لا تعليق!
كيف أتعامل معها وهي تصدني بكل الطرق؟ لدرجة أنني بدأت أشعر أنني أريد أن لا أرها مرة أخرى!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، وشكرا لك على محاولات البر بالوالدة، ونؤكد أن صبرك عليها باب عظيم من أوسع أبواب البر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يكتب لك أجر المحاولات في البر، وأن يعينك على الخير.
أرجو أن تحرصي على أن تستمري في المعاملة الرائعة لوالدتك، وإن قصرت، فإن البر عبادة لله تبارك وتعالى، والذي يحاسب المقصر هو الله. إذا قصرت الوالدة في القيام بما عليها فلا تقصري أنت في القيام بما عليك وبالواجب الذي عليك، واستعيني بالله تبارك وتعالى، وتوكلي عليه، وكرري المحاولات وإن طردتك، واجتهدي في أن تكوني بقلبك بارة لها، حريصة على مصلحتها، شديدة الشفقة عليها.
وإذا لم يتحمل الإنسان من والديه فممن سيكون التحمل؟! كما أرجو أن يكون للوالد دور كبير في تلطيف الأجواء، ونحن نعتقد أن من الأمهات من تنفر من بنتها لشبهها من والدها، أو لحب والدها الزائد لها، وطبعا في مراحل من العمر يقترب الولد من الأم وتقترب البنت في مرحلة المراهقة وما بعدها من والدها.
لكن الذي يحدث نحن نشاركك أن الأمر ليس سهلا، ولكن من كتبت هذه الاستشارة بهذا النضج وبهذا الوضع تستطيع إن شاء الله أن تتجاوز مثل هذه الصعاب، المهم أن يؤدي الإنسان ما عليه، ونبشرك بأن الله تبارك وتعالى بعد آيات البر {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} قال سبحانه بعدها: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}، قال العلماء: في هذه الآية عزاء لمن قام بما عليه - أو قامت بما عليها - ولم تقبل الوالدة برها ولم تحسن إليها، فهي مأجورة عند الله الغفور الرحيم الوهاب العدل الكريم الرحمن سبحانه.
فاستمري فيما أنت عليه، ولا تحزني، وافتحي لنفسك آفاقا جديدة من الحياة، ونسأل الله أن يسعدك في حياتك الأسرية وفي حياتك الاجتماعية، مع الصديقات ومع الصالحات، ولأن كنت تربيت على يد فاضلات فلن تحرمي اليوم من الفاضلات من الأخوات والأمهات، ونسأل الله لنا ولك التوفيق، وأرجو أن يكون لك تواصل مع الخالات والعمات، ففيهن العوض، ونسأل الله تبارك وتعالى أيضا أن يعينك على الصبر على الوالدة، فهي تظل والدة وإن قصرت.
بارك الله فيك، وشكرا لك على هذا التواصل، وتعوذي بالله من الشيطان الذي يحاول أن يضخم المسألة لدرجة أنك لا تريدي أن تقابليها أو تنظري إليها، لا، قومي بما عليك، وقدمي لها الخدمات بقدر ما تستطيعين، واصبري، وبشرى للصابرين.