السؤال
السلام عليكم.
أنا بنت، عمري ٢٦ سنة، أعاني من فكرة سيئة تراودني وهي: الخوف من حصول عائق في جسدي، وهي تراودني من عمر المراهقة، وأصبحت مثل الكابوس في حياتي، فهي طوال اليوم في بالي، وأخاف من حدوثها في أي لحظة، وتطور الموضوع وأصبحت مثل التهديد لي، مثلا إذا لم تصلي سوف تحدث هذه الفكرة، أو إذا لم تذهبي إلى هذا المكان سوف تحدث، وكثير من الأفكار المزعجة، وأصبح هناك ضغط كبير علي، وأصبحت أفكر بالانتحار بصورة جدية؛ لأن الفكرة لا تذهب من عقلي.
وأخيرا أصبحت أفكر بطريقة أخرى وهي: أقول بداخل نفسي إذا لم تفعلي هذا الشيء أو لم تذهبي إلى ذاك المكان -إن شاء لله- تصيبك تلك الفكرة نفسها، وأنا تعبت كثير، وتأزمت حالتي، وكرهت الحياه، وطوال اليوم متعبة، وخائفة على الرغم من أنني أراجع طبيبا نفسيا، وآخذ أدوية نفسية، ولكن الفكرة المزعجة لا تذهب أبدا، أرجو المساعدة.
وشكرا لجهودكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا نسأل الله تعالى أن يشفيك ويبعد عنك هذه الفكرة وهو القادر على ذلك جل شأنه.
وما تعانين منه يدخل في مجال الوساوس الفكرية، ويكون دائما مصحوبا بالقلق والتوتر، لذا يسبب ألما نفسيا قد لا يطيقه الشخص ويولد لديه أفكارا مثل التي ذكرتيها وهي التخلص من الحياة.
والحمد لله أنك بحثت عن العلاج، وتتابعين مع الطبيب النفسي، وتأخذين الأدوية والتي بدون شك ستساعدك كثيرا في تخفيف الأعراض، فمن المهم أيضا أن تكون لك جلسات نفسية منتظمة مع أخصائي العلاج المعرفي السلوكي؛ لكي يساعدك في تطبيق برنامج علاجي يمكنك من التعامل مع هذه الفكرة الوسواسية بطريقة علمية.
ثانيا: نقول لك تصديق الفكرة وتوقع حدوثها هو سبب الضيق والألم الذي تشعرين به، فإذا الإنسان صدق كل ما يدور في خاطره من أفكار وتوقع حدوثها لما خرج من بيته، ولما مارس أي نشاط في حياته، وظل محبوسا في مكانه، ولا بد أن تتأملي -أختنا الفاضلة- منذ متى تفكرين في هذه الفكرة، وهل حصل ما كنت تتوقعين؟ هل أصاب جسدك شيء؟ فالفكرة ليست حقيقة، وبما أنها فكرة وسواسية فكلما حاولت إبعادها تظل تقتحم عقلك وبشدة، لذلك نقول لك إهمالها وعدم محاورتها يضعفها.
واعلمي أن هذا الجسد خلقه الله -عز وجل- وهو الذي يتحكم وليس أفكارنا، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فالربط بين أفعالنا وبين ما يتوقع من حدوث شيء مكروه لأجسادنا ليس له مبرر ولا تسنده أدلة أو براهين، وإنما هو ربط بخيوط العنكبوت الواهية.
ما نريده منك هو تحمل القلق الناتج عن هذه الفكرة الوسواسية، ومحاولة تشتيتها بشتى الطرق، فعلى سبيل المثال الانشغال بالعد العكسي من (100 إلى 1) أو تنقصي في كل مرة 3 تنازليا إلى أن تصلي إلى الرقم (1)، فهذه تجعل الدماغ مشغولا ومنتبها أكثر في طريقة العد، وبالتالي تبتعد الفكرة تلقائيا من مركز الانتباه.
فالفكرة تحدث مشاعر القلق وهذه بدورها تحدث ما يسمى بالسلوكيات الآمنة وفي حالتك مثلا عدم الذهاب إلى ذاك المكان، أو افعلي هذا الشيء حتى لا يصاب جسدك بكذا. وكذا.. والعلاج يكمن في عدم ممارسة هذه السلوكيات المتماشية مع الفكرة والتي تشعرك بالارتياح المؤقت، بل افعلي العكس، فسيزيد القلق ويرتفع، ولكن تحملك له في كل مرة يزيد من قدرتك الذاتية، وستصبح الفكرة من غير قوة تكون مثلها مثل الأفكار العادية تمر مر السحاب.
فالأمر بسيط، ولا يستدعي التفكير في الانتحار، وأنت -الحمد لله- إنسانة مؤمنة وتعرفين عقوبة هذا الفعل الشنيع، أكثري من الدعاء في الصباح والمساء فهي وقاية لك من كل مكروه تخافين منه، وكذلك صلاة الضحى هي صدقة تحفظين بها كل أعضاء جسمك، كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة.