السؤال
السلام عليكم.
منذ خمس سنوات كنت أعاني من قلق عام ونوبة هلع، تعالجت بالدواء عدة مرات، وكنت أتحسن وأترك الدواء بأمر من الطبيب في كل مرة.
الآن في خلال الأشهر السابقة كنت مضغوطة جدا، وكنت في فترة اختبارات فشعرت بصداع وعدم تركيز ونبضات قلب منخفضة، فبدأت الوساوس، وكنت أفكر كثيرا، وأبكي، وبعد ذلك استيقظت وجسمي يرتعش وغثيان وخوف.
ذهبت للطبيب وعملت الفحوصات، وكانت كلها سليمة، وأنا كنت أعاني من ضربات قلب سريعة قبل النوم، وثقل في الجسم وتفكير كثير في الموت وتخيلات مخيفة، وذهبت للطبيب النفسي، ووصف لي زولوفت 100مل، أخذته مدة 22 يوما، والأعراض تخف مرة وتأتي مرة، ولكن مع تخيلات وتفكير دائم، وأشعر كأني لست موجودة، وأني لا أتنفس، وأشعر كأني في عالم آخر، ودائما أقيس نبضي.
أنا في كلية الصيدلة، وأعاني من عدم التركيز وعدم القدرة على الدراسة نهائيا، ماذا أفعل؟ هل هذا وسواس أم تفكير وتخيلات مبالغ فيها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في استشارات الموقع، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع.
الحالة التي تعانين منها هي نوع من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة.
الإنسان حين يأتيه القلق الزائد، والقلق عموما هو طاقة نفسية وجدانية مطلوبة، لأن القلق هو الذي يؤدي إلى النجاح، لكن حين يزداد هذا القلق تتولد منه مخاوف، والمخاوف تؤدي إلى المزيد من القلق، ومن ثم ينتج عن القلق والمخاوف وسوسة وسوء تأويل لأشياء كثيرة، وبعد ذلك تأتي مرحلة أن الإنسان يحس بالتغرب عن ذاته، وهذا هو الذي حدث لك، وهذا طبعا يؤدي إلى ضعف في التركيز.
من ناحية العلاج الدوائي: أنا أرى أن عقار (زولفت) والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) بجرعة مائة مليجرام سيكون مفيدا لك جدا، فقط انتظمي في الدواء حسب ما هو مطلوب، ويمكن أن تدعمي الزولفت بتناول عقار (ديانكسيت) بجرعة حبة واحدة يوميا في الصباح لمدة شهرين، ثم تتوقفي عن الديانكسيت وتستمري في تناول الزولفت.
سيكون من الضروري جدا أن تقومي بإعمال الفكر المخالف للوسواس، والفكر المخالف للوسواس يتكون مما نسميه بتحقير الوسوسة، وعدم حوار الوسواس، وتجاهل الوسواس بصورة تامة، وصرف الانتباه عنه، صرفي انتباهك من خلال أن تستجلبي فكرة أكثر إيجابية ومعنى وجمال لتكون بديلة عن الفكرة الوسواسية، هذا مهم جدا. وأن تخاطبي الفكرة الوسواسية أيضا قائلة: (قف، قف، قف، أنت فكرة وسواسية حقيرة)، تكرري هذا عدة مرات، وفي ذات الوقت تستجلبي الفكر الإيجابي.
وأنا أنصحك بأن تتجنبي الفراغ - الفراغ الزمني والفراغ الذهني - ويجب أن تنامي مبكرا، لأن تجنب السهر والنوم المبكر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ، وعلى ضوء ذلك يستيقظ الإنسان مبكرا، ويؤدي صلاة الفجر في وقته، وهنا سوف تحسين أن درجة التركيز لديك عالية جدا، وهذه الفترة - فترة البكور المبارك هذه - يمكنك أن تدرسي فيها لمدة ساعة مثلا، وهذا ربما يكفيك تماما عن الدراسة في بقية اليوم.
إذا الموضوع كله يقوم على مبدأ: حسن تنظيم الوقت، والشعور الإيجابي، وتحقير الشعور السلبي، وكذلك تحقير الوساوس وعدم الخوض فيها. ويجب أن تعيشي قوة الآن، الآن دائما أقوى من الماضي، وأن تعيشي الحاضر بأمل ورجاء. مارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة. احرصي على تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
بالنسبة لتسارع ضربات القلب: هذا ناتج من المخاوف، و-إن شاء الله تعالى- من خلال التمارين الاسترخائية والتمارين الرياضية والتفكير الإيجابي وتحقير الخوف والوسوسة، مع تناول الأدوية؛ كل هذا سوف يختفي تماما.
إذا حالتك هي حالة قلق مخاوف وسواسي من الدرجة البسيطة أحسب، و-إن شاء الله تعالى- بتطبيق ما ذكرته لك من إرشاد سوف تتحسن حالتك تماما، وسوف تنتقلين -إن شاء الله تعالى- لمرحلة صحة نفسية إيجابية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.