أشعر بالوحدة والدونية لعدم تفاعل الناس معي.. أرشدوني

0 29

السؤال

السلام عليكم

لدي مشكلة، وهي أنه لا أحد يحبني، قمت بإنشاء حساب على موقع لإقامة علاقات صداقة مع أشخاص من جميع أنحاء العالم، وراسلت بعض الشباب من الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أحد رد على رسائلي، وبالأمس راسلت شابا من أمريكا عمره 18 سنة، ورد علي، وبعد ذلك لم يعد يرد على رسائلي، فشعرت بالحزن والاكتئاب، وأنه لا أحد في الأرض يحبني، فهل هذا يعني أن الله لا يحبني؟ كما أنني تعرفت على فتاة من اندونسيا وتحدثت معها، وبعدها لم تعد ترد على رسائلي، والآن أشعر بالوحدة وأنظر إلى نفسي نظرة دونية، وأشعر أنه لا أحد في العالم يريد أن يكون صديقي، فما تفسير ذلك؟ كما أنه لدي مشكلة، وهي أنني لا أملك القدرة على التحدث مع الناس، ولا أجد موضوعا لأتحدث به ودائما صامت، والناس تقول لي لماذا أنت هادئ؟ تحدث، فما علاج ذلك؟ علما أنني الآن أتناول دواء Olanzapine بجرعة 5 مغ يوميا، ودواء Escitalopram بجرعة 10 مغ يوميا لعلاج نوبات الهلع، وهل لأنني لم أجيد التواصل مع هؤلاء الأشخاص لم يردوا على رسائلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اشكرك على هذه الرسالة وعلى رسالتك السابقة أيها الفاضل الكريم، سوء تقدير الذات هو الذي يؤدي إلى نوعية المشاعر التي تحدثت عنها، ومن القواعد السلوكية الممتازة هو أن الإنسان يجب أن يقيم نفسه بصورة صحيحة، لا يضخمها ولا يحقرها، يعرف ما لها وما عليها، نقاط القوة ونقاط الضعف، وهذا يجب أن يكون بمصداقية وشفافية، بعد ذلك ينتقل الإنسان للمرحلة الثانية وهي مرحلة تعزيز ما هو إيجابي وتحقير ما هو سلبي، بعد ذلك يستمر الإنسان في قبول ذاته على وضعها الجديد ويسعى دائما لتطويرها.

فأنت أيها الفاضل الكريم لك حساسية معينة في التقاط فقط ما هو سلبي عن ذاتك، وأنا لاحظت ذلك أيضا من رسائلك السابقة، تحدثت عن التنمر، تحدثت عن الانتحار، تحدثت عن أشياء كثيرة سلبية، وأيها الفاضل الكريم هذه المفاهيم يجب أن تحقرها، ويجب أن تتجاهلها، انظر إلى نفسك أن الله تعالى قد خلقك في أحسن تقويم، وأن الله تعالى قد حباك بنعمة العقل، وأن الإنسان يجب أن يتحلى بالأخلاق السامية، وهذا إن شاء الله تعالى من شيمك ومن صفاتك، ولا تلتفت كثيرا لما يقوله الناس، كثير مما يقوله الناس ليس بالدقيق، وأحكم على نفسك بأفعالك وليس من خلال أفكارك ومشاعرك، وكن إيجابيا، انظر للحياة بإيجابية.

وموضوع التفاعل الاجتماعي وبناء نسيج اجتماعي يكون بالتدريج أيها الفاضل الكريم، وأن تذهب إلى الأفاضل من الناس في أماكنهم، سوف تجدهم في المساجد، سوف تجدهم في الدور الثقافية، الفاضلين والصالحين من أبناء الجيران، زملاء الدراسة، بهذه الكيفية تستطيع أن تبني نسيجا اجتماعيا ممتازا جدا، أنا أنصحك أن تعمل برنامجا يوميا تدير من خلاله حياتك ووقتك وتعرف إنجازاتك، ثم تسعى لتطويرها، مع احترامي الشديد لشخصك الكريم إلا أن المفاهيم الخاطئة والسلبية وتحقير الذات هي التي هيمنت عليك، يجب أن تكون منصفا لنفسك، وأن تعزز ما هو إيجابي في نفسك، وأنا أنصحك ببر الوالدين؛ لأنه يعطي توازنا نفسيا كبيرا جدا، ممارسة الرياضة، الصلاة مع الجماعة، التخطيط المستقبلي السليم كلها وسائل وآليات نفسية إيجابية جدا.

أريدك أيضا أن تقرأ عن الذكاء العاطفي أو ما يسمى بالذكاء الوجداني، وهو نوع مهم جدا من أنواع الذكاء، وهذا علم حديث نسبيا، من خلال الذكاء الاجتماعي يستطيع الإنسان أن يتفهم نفسه بصورة إيجابية ويقبلها إيجابيا ثم يسعى لتطورها، وكذلك يفهم بقية الناس بصورة إيجابية، ويتعامل معهم بصورة إيجابية، فأرجو أن تتحصل على أحد الكتب المتخصصة في الذكاء العاطفي، أو ما نسميه بالذكاء الوجداني، وكتاب دانيال جولمان والذي هو مترجم للعربية والذي كتبه عام 1995 حيث إنه رائد هذا العلم، أنا دائما أراه من المراجع المتميزة، الدواء مهم ويجب أن تستمر عليه..

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.. وبالله التوفيق والسداد.
________________________
انتهت إجابة د. محمد عبد ا لعليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي المستشار الشرعي والتربوي.
________________________
مرحبا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل المستمر مع الموقع، ونؤكد لك أنك عندنا غال، فأنت من أبنائنا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد..

ها نحن رددنا عليك الواضح أن هذا الموقع يرد عليك دائما، وأنت ولله الحمد تحظى بحب إخوة لك كبار، آباء مستشارين، مختصين يردون على رسائلك، وما كتبته يدل على أنك راغب في الخير، ونسأل الله أن يعينك على تطوير مهاراتك في هذا الجانب، وأن يعينك على أن تكون محبوبا عند خلقه وأن يحبب إليك الصالحين منهم، إن من سعادة الإنسان أن يحبب الله إليه الصالحين وأن يحببه إلى جميع خلقه، وهذا يحتاج منك إلى مجهود، فالناس دائما يحتاجون إلى من يحسن إليهم، إلى من يصبر عليهم، إلى من يحسن استقبالهم، إلى من يهتم بمشاعرهم، إلى من يلتمس لهم الأعذار، إلى من يقترب منهم بالخير، إلى من يذهب بأيديهم، هذه أشياء ونقاط مهمة جدا، أرجو أن تنتبه لها.

وبالنظر إلى عمرك فأنت أمامك الكثير والكثير من الفرص لتؤهل نفسك اجتماعيا، ولتجد الأصدقاء الصالحين، ونتمنى أن تشغل وقتك بالدراسة والأشياء النافعة المفيدة، وإذا كنت وحدك فاحرص على ذكر الله تبارك وتعالى، ثم اجتهد في أن تعرف المواضيع التي يمكن أن تتداخل فيها مع الناس، فأي علاقة تحتاج إلى كلام فإذا تكلمت عن الكرة جاءك أهلها، أو تكلمت عن القراءة جاءك أهل الثقافة والقراءة، أو تكلمت عن العبادة والإنابة وتلاوة القرآن جاءك أهل الصلاح، فأنت كالسوق تحمل إليك البضائع الرائجة، أرجو أن تروج عندك أو في كتابتك الفضائل والمكرمات، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

والإنسان الذي يسعى في الخير ويرغب في أن يجد أصدقاء يتواصلون معه لا بد أن يجد ولا بد أن يصل إلى بغيته، ولكننا أيضا ننبه إلى أن الشاب لا يريد له أن يتواصل مع الفتيات، فالشاب يتواصل مع الشباب، مع إخوانه، وإن تواصل مع فتيات كالعنصر النسائي فهذا ممكن مع أخواته وعماته وخالاته أي المحارم، أما الخروج عن هذه الدائرة، فهذا ليس فيه مصلحة حتى لو حصل تواصل بالطريقة المذكورة، والسلامة لا يعدلها شيء، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

أما موضوع الأدوية، فهذا نتركه لأهل الاختصاص، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، ونتمنى أن تكتب إلينا لتكتشف، وقبل ذلك تكتشف نقاط القوة التي عندك وبتجاربك وبالأشياء التي تكلمت بها فلن يأتيك الرد حتى نعرف نوع الحديث الذي تحاول أن تطرحه ليكون مادة للتواصل بينك وبين غيرك، فإن الناس يستجيبون للإنسان إذا كلمهم بما يعجبهم، لما يهمهم، لما فيه مصلحة لهم، لما فيه فرصة للأخذ والرد، فاختيار المواضيع أيضا له أثر في عملية التواصل، ولكن هذه الرغبة في الخير خير، وهي بداية مهمة وأنت في عمر الفرص كبيرة أمامك من أجل أن تتطور في كل الاتجاهات، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات