هل الذنوب تمنع توفيق الله -عز وجل- للعبد؟

0 44

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم وفي كل شخص قائم على هذا الموقع، ونفع الله بكم الأمة.

أفيدوني بالإجابة على أسئلتي، فأنا أعيش في صراع نفسي مع ضميري ونيتي.

أنا شاب جامعي تخصصي هندسي، أبلغ من العمر 21 سنة، حريص على دراستي -ولله الحمد-، لدي طموحات وأهداف منها ما هو ديني، ومنها ما هو علمي، ومنها ما يخص الصحة البدنية.

أحب الله -عز وجل- وأخشى عقابه، الدافع الأكبر للالتزام هو أنني أريد أن الله -عز وجل- أن يوفقني لتحقيق التفوق في دراستي، وتحقيق أهدافي وطموحاتي التي -بإذن الله- من شأنها (بوجهة نظري) أن تفيدني وتفيد الأمة -بإذن الله تعالى-.

أعتقد (صححوا لي رجاء إن كنت مخطئا) أن الذنوب تمنع التوفيق عن العبد، ووالله أنني أرى أثر هذا الشيء معي، فاليوم الذي أعصي فيه الله خاصة ذنوب الخلوات، يكون فيها اليوم بدون أي إنجاز، وسرعان ما أتوب إلى الله من هذه الذنوب القبيحة، وأسأل الله أن يثبتني ويثبتكم.

هنا سؤالي الأول وأنا آسف على الإطالة، قرأت أنه إذا كان الباعث الأقوى للالتزام أو التوبة شيء دنيوي فليس للعبد عند الله نصيب في الآخرة -والعياذ بالله-، فهل أنا بدافعي للالتزام (بأنني أطلب من الله التوفيق لتحقيق التفوق الدراسي وتحقيق أهدافي)، أندرج تحت هذا الباعث، ويعتبر أنه باعث دنيوي؟ أفيدوني بارك الله فيكم.

سؤالي الثاني يخص استحضار النية: هل أنا مطالب بأن أستحضر النية قبل كل عمل، أم أنه يعتبر من الأمور الضمنية؟

آسف على الإطالة، وشكرا لكم وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Yamen حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الإخلاص له في القول والعمل.

ونحن نشكر لك حرصك واهتمامك -أيها الولد الحبيب- على تصحيح نيتك والتفقه فيما يصون عملك من الإحباط، ولكن ما ذكرته من أن العبادة ليس فيها أجر إذا كان الباعث عليها دنيوي، هذا الكلام ليس على إطلاقه هكذا -أيها الحبيب- فإن قصد تحصيل شيء من منافع الدنيا بجانب قصد التعبد لله تعالى، أو بالعبادة التي يفعلها الإنسان، له مراتب:

فالمرتبة الأولى: أن يكون الإنسان قاصدا الدنيا فقط، غير قاصد تحصيل رضا الله -سبحانه وتعالى- والتقرب إليه بهذه العبادة، فهذا لا يصدر في الغالب من إنسان مؤمن يتعبد لله تعالى بعباداته، ولهذا أخبر الله تعالى أن هذا الصنف من الناس ليس لهم في الآخرة نصيب، {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون}، فهذا لا يتصور من المؤمن، كما يفعله الكافر والعياذ بالله، وهو أنه لا يريد وجه الله تعالى أبدا، وإنما يريد تحصيل الدنيا فقط.

المرتبة الثانية: أن يكون الإنسان قاصدا التعبد لله -سبحانه وتعالى- والتقرب إليه، ولكنه يقصد مع ذلك تحصيل الدنيا، فهذا ليس من الصنف الأول، ولكنه من حيث الثواب على هذه العبادة التي يفعلها يقول العلماء: بحسب الغالب في قصده ونيته، فإن كان الغالب في قصده ونيته التعبد والتقرب إلى الله تعالى، وهو مع ذلك ينوي ويقصد حصول المنافع الدنيوية، فهذا لا تضره هذه النية، ولا تفسد عليه عمله، وله أجره في عمله الصالح بقدر نيته.

أما إذا كان الغالب عليه هو تحصيل الدنيا فهذا ليس له ثواب في الآخرة، وثوابه ما يحصل عليه من أمور الدنيا التي نواها إذا حصلت، ولا نجزم بأنه آثم، لأنه قصد التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن فاته الثواب، وهذا المعنى دلت عليه آيات كثيرة من القرآن الكريم، كقول الله سبحانه وتعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} في آيات الحج.

فنصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تجاهد نفسك لتحسين النية والقصد، وسبيل ذلك وطريقه سهل ميسر -بإذن الله-، فأنت إذا عملت عملا من الأعمال الصالحة اقصد بها وجه الله وتحصيل ثوابه العاجل والآجل، والله تعالى قد قال في كتابه الكريم: {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة. فإذا فعلت ذلك فأنت على خير -إن شاء الله تعالى-، واعلم بأن نصيبك من الدنيا سيأتيك لا محالة ما دمت تأخذ بالأسباب المشروعة، فقد قدر الله تعالى المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض.

وأما السؤال الثاني وهو: هل أنت مطالب باستحضار النية قبل كل عمل؟ فالجواب نعم، كل عمل من الأعمال الصالحة التي يبتغى بها وجه الله والدار الآخرة لابد فيها من نية، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى). والتفاصيل كثيرة، ولكن هذا جواب إجمالي تدرك منه حكم النية على جهة العموم.

وفقك الله لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات